المعداوى للعلوم والتكنولوجيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
الموهوبين بالاسماعيلية
مدرسة الموهوبين رياضياً بالاسماعيلية ترحب بكل عضو جديد داخل منتدى المعداوى للعلوم والتكنولوجيا
التبادل الاعلاني
المعداوى للعلوم

موضوعك الأول

اذهب الى الأسفل

موضوعك الأول Empty لفظة نفس في القرآن الكريم - دراسة دلالية معجمية - أ.د.عطية سليمان أحمد

مُساهمة  المشرف العام الأحد 13 يونيو 2010 - 14:31

المقدمة
وردت كلمة نفس في القرآن الكريم في مواضع عديدة ، ويلاحظ القارئ للكتاب العظيم أنها تحمل دلالات مختلفة ، وكأن بعض معانيها منفصل عن البعضالآخر، أو أنها مستغربة ، بل الأكثر من ذلك ما نراه في حياتنا اليومية من دلالات تبدو متباينة لهذه اللفظة ( نفس ) ، ولكن الدارس لهذه الكلمة المتدبر لمعانيها المختلفة يرى أنها تولدت من معنى واحد أساس انبثقت منه تلك المعاني ، وتلك سمة من سمات اللغة ، وهي القدرة على توليد المعاني من المعنى الواحد ، بل يعُدَّها د . حسام البهنساوي سمة إبداعية لغوية ، يقول في هذا المقام ( مفهوم التوليد الدلالي : تعد سمة الإبداع ، هي أهم سمات اللغة الإنسانية ، وأظهرها ، إذ يستطيع المتكلم الذي يمتلك الكفاءة اللغوية ، أو تلك المقدرة اللغوية السليمة ، من أن ينتج ويولد ويجدد في مستويات لغته المختلفة والتراكيب والدلالة .
فالتوليد الدلالي هو إبداع المتكلم الدلالات المعجمية ، وتراكيب دلالية جديدة تختلف عن تلك الدلالة التي تفيدها الوحدة المعجمية المعروفة ، والمألوفة بين أفراد الجماعة اللغوية ، حيث يقوم أفراد هذه الجماعة اللغوية بتوليد معان جديدة تحمل قيمًا دلالية جديدة ، لأبنية معجمية موجودة من قبل ، استوجبتها سياقات ومقامات وظروف وملابسات لغوية ، لم تكن تتحقق في مدلول البنية المعجمية قبل ذلك)( ) .
إن هذه الحقيقة اللغوية التى ترى أن أي نمو دلالي للكلمة ، إنما هو عمل إبداعي يبدأ به المتكلم ، ثم يلقى قبولاً في مجتمعه ، فيصبح الناتج اللغوي دلالة جديدة للكلمة ، هي مما دفعني إلى هذه الدراسة ، التي رأيت من خلالها كيف تنمو دلالة كلمة ( نفس ) في المعاجم وفي القرآن الكريم ، فماذا لو عرفنا أن هذه الكلمة من أقدم كلمات اللغة ، بل نجدها باللفظ والمعنى نفسه في نصوص قديمة جدًا، ونقوش ( ) تعود إلى عصر امرئ القيس وما قبله ، وهذا التاريخ الطويل لهذه اللفظة ( نفس ) جعلها عرضة للتداول بكثرة بين الأجيال المختلفة ، كل جيل يولد منها معنى جديدًا يضاف إلى معانيها السابقة ، ومن هنا لا نستغرب ما نراه من عشرات المعاني المختلفة لهذه الكلمة في القرآن الكريم وفي المعاجم .
وقد استطاعت اللغة بوسائلها الكثيرة أن تكسب هذه اللفظة معانيها المختلفة ، وقد وردت في القرآن الكريم في مواضع عديدة تحمل دلالات وفيرة ، وأحاول في هذا البحث أن أدرس هذه اللفظة في إطار النظريات الدلالية الحديثة ، التي ركزت على مفهوم الإبداعية في التوليد الدلالي ، باعتباره خاصية جوهرية ، وسمة بارزة من سمات الكفاءة اللغوية ، التي تمثل قدرة المتكلمين على توسيع معنى الوحدات المعجمية باستعمالهم للتحويلات الاستعارية ، أو للنقول الكنائية . تلك التحويلات والنقول ، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من كفاءتهم ومقدرتهم اللغوية ( ) .
وجاء البحث في خمسة فصول :
الفصل الأول : ( النظرية التحليلية )
تعرضت فيه لمفهوم النظرية وكيف يمكن تطبيقها في دراسة معنى ( النفس)
الفصل الثاني : ( النفس في المعاجم )
درست فيه تحليل كلمة( نفس) في معجم لسان العرب وتاج العروس حسب النظرية التحليلية ووضع تصور التوليد الدلالي لمعاني النفس في رسم شجري .
الفصل الثالث : ( النفس في كتب المشترك اللفظي )
تناولت معنى كلمة النفس في كتابي الوجوه والنظائر لمقاتل بن سليمان البلخى، والوجوه والنظائر للدامغاني ،وكتب غريب القرآن ، ومعجم ألفاظ القرآن للنجار .
الفصل الرابع : نظرية الحقول الدلالية :
يتحدث عن مفهوم النظرية ومعنى كلمة (نفس) في إطار نظرية الحقول الدلالية
الفصل الخامس: السمات المعجمية لكلمة( نفس )كما ترى النظرية التحويلية التوليدية ،وتم توضيح السمات الذاتية والانتقائية لكلمة (نفس) باعتبارها اسماو باعتبارها فعلا .
وأرجو من الله أن يتقبل هذا العمل ويجعله في صالح الأعمال .
أ.د: عطية سليمان أحمد
المشرف العام
المشرف العام
Admin

عدد المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 13/06/2010

http://almadawe.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موضوعك الأول Empty لفظة نفس في القرآن الكريم - دراسة دلالية معجمية - أ.د.عطية سليمان أحمد الفصل الأول

مُساهمة  المشرف العام الأحد 13 يونيو 2010 - 14:32

الفصل الأول
النظريات الدلالية الحديثة

وفي إطار هذا البحث نتعرض لأهم النظريات الدلالية الحديثة التي سنحلل الدلالات المختلفة لكلمة ( نفس ) في ضوئها :

أولاً : النظرية التحليلية :

وهذه النظرية تأخذ في دراسة معاني الكلمات عبر مستويات متدرجة ، أي خطوات متدرجة متتالية في دراسة معانى الكلمات كما يلي :
1 ـ تحليل كلمات كل حقل دلالي ، وبيان العلاقات بين معانيها .
2 ـ تحليل كلمات المشترك اللفظي إلى مكوناتها أو معانيها المتعددة .
3 ـ تحليل المعنى الواحد إلى عناصره التكوينية المميزة .
والذي يعنينا هنا في هذه الدراسة ، هو تحليل كلمات المشترك اللفظي حيث تعد كلمة ( نفس ) في هذا الإطار من المشترك اللفظي ، حيث هي لفظة واحدة، ولها معان متعددة ، ونذكر هنا جهودًا لغوية في تحليل كلمات المشترك اللفظي للعالمين د: كاتز وفودور J.KATZ- J.Fodor فلهما نظرية تقوم في أساسها على تشذير كل معنى من معاني الكلمة إلى سلسلة من العناصر الأولية مرتبة بطريقة تسمح لها بأن تتقدم من العام إلى الخاص ،وكل معنى للكلمة يحدد عن طريق تتبع الخط من ( المحدد النحوي ) إلى ( المحدد الدلالي ) إلى ( المميز )، ويظل المرء متجهًا نحو التشذير حتى يحقق القدر الضروري من التوصيف والشرح ، وحينئذ يتوقف حيث لا تبقى هناك فائدة في إضافة أي محددات أخرى ، ما دامت لا تلقى ضوءًا على المعنى .
وقد طبقا نظريتهما على كلمة bachelor التي تعطيها المعاجم المعاني الآتية :

1 ـ فارس صغير يخدم تحت فارس آخر .
2 ـ حامل الشهادة الجامعية الأولى .
3 ـ الرجل الأعزب .
4 ـ حيوان بحري معين بدون أنثاه خلال فترة الإخصاب .




الرسم الشجري للمشترك اللفظي
Bachelor



( حيوان ) ( إنسان )


(ذكر) [ من يحمل الشهادة الجامعية ]


[ أعزب ] [ فارس صغير يخدم تحت فارس أكبر ]

وقد ميزا هنا بين ثلاثة أنواع من العناصر أو المكونات ، وهي :

1 ـ المحدد النحوي ( وهو ما كان خارج الأقواس ـ كلمة اسم هنا ) وقد اعتبراه عنصرًا غير أساسي .
2 ـ المحدد الدلالي : ( وهو ما كان موضوعًا بين قوسين هلاليين ) وهو عنصر يمكن أن يوجد في أماكن أخرى من المعجم ، لأنه عنصر عام ، يشترك بين وحدات معجمية أساسية ( lexemes) تنتمي إلى حقول معجمية مختلفة .
3 ـ المميز : ( وهو ما كان موضوعًا بين قوسين معقوفين ) وهو عنصر خاص بمعنى معين ويقع دائمًا في آخر السلسلة ، ولا يوجد في أماكن أخرى من المعجم ( إلا في حالة الترادف فقط ) .
ويلاحظ أنه لا يمكن لأحد معاني الكلمة أن يملك العناصرنفسها، أو المكونات التي يملكها معنى آخر لها .
ومن الممكن أن تطبق نظرية المحددات والمميزات على الوحدات المعجمية المختلفة كذلك ، فالمحدد الدلالي هو الذي يميز بين عضوين يتقابلان بالجنس داخل ثنائي معين مثل : بنت ـ ولد / عانس وأعزب / امرؤ ـ رجل / عمه ـ عم / أخت ـ أخ / بقرة ـ ثور ... إلخ .
فكلمة ولد تملك مثلاً المحددات الدلالية : اسم ـ حي ـ إنسان ـ ذكر ـ صغير السن ،أما كلمة بنت فتحوي العناصرنفسها فيما عدا أنها سوف تأخذ ( أنثى ) مكان ( ( ذكر ) ، وكذلك فإن كل ثنائي آخر من هذه الكلمات يملك خطًا متطابقًا مع الآخر فيما عدا أن واحدًا يملك المحدد الدلالي ( ذكر ) والآخر المحدد الدلالي ( أنثى ) .
كما أن من الممكن أن يمتد استخدام هذه النظرية ليشمل تحليل الكلمة ، وهي مستخدمة في جملة تامة ، وحينئذ يضاف إلى المكونات الدلالية السابقة عنصر ( الوظيفة النحوية ) ففي جملة : شغل الخريج وظيفة كذا ... يضاف إلى المكونات الأصلية المكون الإضافي ( وهو الفاعلية ) ( ) .
هذه النظرية تستطيع أن تميز بين الملامح المختلفة لدلالات الكلمة مما يجعل تطبيقها في دراسة النمو الدلالي لكلمة ( نفس ) وسيلة جيدة لفهم معاني الكلمة ، ولكن دور هذه النظرية بالمحددات الدلالية لا يقتصر على رسم المكونات لكل معنى ، بل هي كذلك تظهر كيف تضاف المحددات ، وتسقط من أجل تغيير معاني الكلمات ، أي أنها تتغلغل إلى مشكلة المجاز في الدلالة . وإذا كان مطمح العلماء أن يستفيدوا بهذه النظرية في التنبؤ بالتغيرات الدلالية كما هو الحال بالنسبة لنظرية الملامح التمييزية التي تفسر التغيرات الفونولوجية على أساس من تغير ملمح في وقت ما ، فإن مطلبهم المتواضع الذي حققوه فعلاً هو ربط المعاني المتعددة للكلمة على أساس بيان إمكانية اشتقاق واحد منها من الآخر . ولا شك أن المرء يحب أن يرى المعاني الاشتقاقية معروضة أمامه ، وهي ترتبط بطرق متصلة ( ) وقد قدم بولنجر الرسم الآتي للتطبيق على فكرة الاشتقاق من خلال كلمة soup الإنجليزية .












الكلمة Soup



(تجريدي) ( محسوس)



[مأزق] ( فعال ـ نشيط ) (منتشر) (متكاثف)


[طاقة ـ قوة] [سحب مثقلة] (غيرصالح للأكل) ( صالح للأكل)


(كيميائي ) [ أسمنت ـ رطب] [استنبات جرثومي]( سائل)

[طعام للبشر – حساء]


[محلول ابيدوكسين] [مظهر فوتوغرافي] ( فعال ) [ نتروجلسرين]

ووضع معاني الكلمات في هذا الرسم الشجري ، يجعل العلاقات بينها واضحة ، فالسحب يمكن ربطها بكثافة الحساء ،و الكيمائيات يمكن ربطها أو مقارنتها في درجة تماسكها وطبيعتها ، وفي إعدادها من خليط متنوع يمكن ربطها أو مقارنتها ، كذلك بحساء الطاهي ، والاستنبات الجرثومي يمكن كذلك إيجاد علاقة بينه وبين الحساء تتمثل في درجة تماسكه ، وفي صلاحيته للأكل . وحتى المأزق الذي يبدو ألا علاقة بينه وبين الحساء ، يمكن إيضاح علاقته عن طريق تصور الرسم المضروب به المثل للبشر في وعاء الطبخ لدى آكلي لحوم البشر والطاقة أو القوة يمكن ربطها بالنترو جلسرين ( شديد التفجر ) وإطلاق كلمة soup على السحب المثقلة ، كان بقصد تصوير كثافتها ، على الرغم أنها منتشرة في الواقع ( ) .
ويمكن الاستفادة من هذه النظرية في تحليل المعنى إلى مكونات صغرى ، وقد لعبت دورًا هامًا في تطوير علم الدلالة التركيبي وقد ألقت الضوء على المكونات الدلالية باعتبارها من المكونات التفسيرية في النظرية التوليدية التحليلية ، وما تقوم به من دور مهم ، إلى جانب المكونات التركيبية ( النحوية ) من شرح للعلاقات الدلالية ( ) .
ويمكن تطبيق هذه النظرية في تحليل الدلالات المختلفة لكلمة نفس كمنهج للدراسة ، أما مصادر المادة اللغوية لمعرفة كلمة (نفس) فنجدها في :
1 ـ المعاجم اللغوية المختلفة.
2 ـ كتب المشترك اللفظي في القرآن .
3 - المعاجم الخاصة بمفردات القرآن وغريب القرآن .
المشرف العام
المشرف العام
Admin

عدد المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 13/06/2010

http://almadawe.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موضوعك الأول Empty لفظة نفس في القرآن الكريم - دراسة دلالية معجمية - أ.د.عطية سليمان أحمد الفصل الثانى

مُساهمة  المشرف العام الأحد 13 يونيو 2010 - 14:36

الفصل الثاني
النفس في المعاجم
تناولت المعاجم العربية كلمة نفس بالشرح والتفسير في مادة مُطَوَّلَةٌ حولها ، وبطريقة توضح مدى فهم أصحاب المعاجم للنمو الدلالي لها ، وقد اخترت من بين المعاجم الكبيرة معجمين لعرض مادتهما عن هذه الكلمة وهما : لسان العرب لابن منظور ، وتاج العروس للزًّبيدي .
يقول د . حسام البهنساوي : إن التوليد الدلالي هو عبارة عن ظهور دلالات جديدة للوحدات المعجمية ، فهو إذن تعدد دلالي للفظة الواحدة ، وينبغي على أية نظرية للدلالة المعجمية تهتم برصد هذه الدلالات الجديدة ، وتحليلها ، أن تتضمن الوسائل الممكنة لتحديد العلاقات الدلالية بين المداخل المعجمية ، وهذه المولدات الدلالية ، وأن تقوم برصد التمييز بين الوحدة المفردة ذات المدخل المعجمي الواحد ، والوحدة المتعددة الدلالة التي ترتبط بأكثر من مدخل ، فإن الحكم باعتبار وحدتين متطابقتين صوتيًا ، ومختلفتين دلاليًا وحدة معجمية واحدة أو وحدتين ، يعتمد على ما تقدمه النظرية الدلالية من آليات وأسس، تمكنها من أن تصف العلاقة الدلالية بين ما تفيده الوحدتان من دلالات ، والكيفية التي تعمل بها هذه الأسس ) ( ) .
وبعيدًا عن هذه النظريات وما لها من آليات ، فإن أصحاب المعاجم قد عرضوا مادتهم المعجمية ، وشرحوها في مواضع كثيرة من كتبهم بطريقة تنم عن فهم كبير لتلك الحقائق الدلالية الحديثة من وجود تشابه دلالي بين الوحدات وتفريع للمعنى ، وتحليل ، وتفسير لهذا التفريع ، ولهذا يجب تناول المادة المعجمية بصورة جديدة تراعي آراء أصحاب المعاجم ، وتحلل ما قالوه ، ويمكن تطبيق هذا من خلال المادة المعجمية الخاصة بكلمة( نفس) ، وملاحظة ربطهم بين المعاني المختلفة والتوليد الدلالي الذي يحدث للكلمات ، وما سجلوه من ملاحظات حول تلك العملية ، فنعرض بعضًا من هذه الآراء من خلال هذين المعجمين الكبيرين فقط .
أولاً : ابن منظور :
يقول ابن منظور في اللسان عن كلمة (نفس) ( النفس الروح ) : قال ابن سيدة بينهما فرق ، قال أبو إسحاق : النفس في كلام العرب يجري على ضربين : أحدهما قولك خرجتْ نفس فلان ، أي روحه ، وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا ، أي في روعه ، والضرب الآخر معنى النفس فيه معنى جملة الشيء وحقيقته ، تقول قتل فلان نفسه وأهلك نفسه ، أي أوقعها الإهلاك بذاته كلها ، وحقيقته ، والجمع أنفس ونفوس ، قال أبو خراش في معنى النفس الروح ... ومنه فاظت نفسه ... قال ابن خالويه النفس الروح ، والنفس ما يكون به التمييز والدم والنفس الأخ ، والنفس بمعنى عند ، والنفس قَدْرُ دَبْغة ، قال ابن بَرِّي : أما النفس : الروح ، والنفس ما يكون به التمييز فشاهدهما قوله سبحانه ( الله يتوفي الأنفس حين موتها) فالنفس الأولى : هي التي تزول بزوال الحياة ، والنفس الثانية : التي تزول بزوال العقل ... وإنما سمى الدم نفسًا لأن النفس تخرج بخروجه ، وأما النفس بمعنى الأخ
فشاهده قوله ( فسلموا على أنفسكم ) ، وأما التي بمعنى عند فشاهده ( تعلم ما في نفسي ) أي ما عندي ، والأجود هنا قول ابن الأنباري : إن النفس هنا الغيب ... لأن النفس لما كانت غائبة ، أوقعت على الغيب ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية ( إنك أنت علام الغيوب ) ، والعرب قد تجعل النفس التي يكون بها التمييز نفسين ، وذلك أن النفس قد تأمره بالشيء ، وتنهى عنه ، وذلك عند الإقدام على أمر مكروه ، فجعلوا التي تأمره نفسًا ، وجعلوا التي تنهاه كأنها نفس أخرى ... والنفس يعبر بها عن الإنسان جميعه كقولهم : عنده ثلاثة أنفس ... روي عن ابن عباس أنه قال : لكل إنسان نفسان : إحداهما نفس العقل الذي يكون به التميز والأخرى نفس الروح الذي به الحياة ، ومن اللغويين من سوَّى النفس بالروح ، وقال هما شيء واحد إلا أن النفس مؤنثة والروح مذكر ، وقال غيره الروح هو الذي به الحياة ، والنفس هي التي بها العقل ، فإذا نام الإنسان قبض الله نفسه ، ولم يقبض روحه ، ولا تفيض الروح إلا عند الموت . قال وسميت النفس نفسًا لتولد النفس منها واتصاله بها ، كما سموا الروح روحًا لأن الروح موجود به .
وقال الزجاج : لكل إنسان نفسان : إحداهما : نفس التمييز ، وهي التي تفارقه إذا نام ... والنفس الجسد ... ونفس الشيء ذاته ... ورجل ذو نفس أي خُلُق ... وجلد ) ، والنفس : العين والنافس العائن والمنفوس المعيون والنفوس العيون الحسود المتعين لأموال الناس ليصيبها ، وما أنفسه أي ما أشد عينه ... والنفس العظمة والكبر والنفس العزة والنفس الهمة والنفس عين الشيء وكنهه وجوهره ، والنفس الأنَفَة ، والنفس العين التي تصيب المعين ... والنفس الفرج من الكرب ، وفي الحديث: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن ، يريد أن بها تفرج الكروب ، وينشئ السحاب وينشر الغيث ويذهب الجدب، وهو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها ، أو من نفس الريح الذي يتنسمه فيستروح إليه ، أو من نفس الروضة ، وهو طيب روائحها فينفرج به عنه ... إلخ ( ) .
هذا ملخص لأهم المعاني التي ذكرها ابن منظور لمعنى النفس وتحليله لها . والآن نحلل هذا الكلام ، فنجد الرجل يضع في أول كلامه أساسًا لهذه الكلمة انطلقت منها ـ في تصوره ـ باقي المعاني ، قال إن النفس هي الروح فسوَّى بينهما ، لأن كل منهما شيء غيبي غير محسوس ، ولكنه مدرك بالفعل وردّ الفعل ، ثم عاد فميز بينهما ، فجعل النفس ما يكون بها التمييز ، التي تزول بزوال العقل ، والثانية ( هي الروح ) التي تزول بزوال الحياة ، فإذا نام الإنسان قبض الله نفسه ولم يقبض روحه ولا تفيض الروح إلا عند الموت ، ثم يذكر قسمًا ثالثًا للنفس ، وهو ما ذكرته العرب من تصور للنفس ، وهنا يخرج هذا التصور للنفس من الصورة المجردة إلى الصورة المادية ، فهي عندهم على قسمين ، الأول : خرجت نفس فلان ، أي روحه ، وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا ، أي في روعه ، وهو الشيء الغيبي أي المعنى المجرد المعنوي .
أما الثانية عند العرب فهي بمعنى جملة الشيء وحقيقته نقول قتل فلان نفسه ، وهو المعنى المادي ، حيث يشير إلى أنها تعني ذات الإنسان أو ذات الشيء ، فقال : والنفس الجسد ، ونفس الشيء ذاته .
ثم ذكر المعاني الأخرى للنفس ، وفسر العلاقة بينها ، مثل أنها تعني الدم ، والأخ ، وعند ، والغيب ، والعائن ، وغيرها من المعاني التي حللها في أثناء عرضه لها مما يعني أنه لا يذكر المعاني المختلفة للكلمة فحسب ، بل يتناولها بالتفسير الدلالي وإيضاح العلاقة بينها .
فلو رسمنا تصورًا لمعاني هذه الكلمة عند ابن منظور في شكل شجري ( ) لكان كما يأتي (3):
ومن هذا الرسم نرى :
1 ـ أنه قسم معنى النفس إلى قسمين كبيرين هما القسم المادي والقسم المعنوي .2 ـ تشير الأقواس الهلالية إلى المحدد الدلالي الذي يحتوي على عناصر يمكن أن توجد في أماكن أخرى ، مثل ( الروح ـ الروع ـ العقل ـ الخلق ـ الجلد ـ ذات الشيء ... إلخ ) لأنها عناصر عامة تشترك بين وحدات معجمية أساسية ( lexemes ) .
3 ـ تشير الأقواس المعقوفة إلى المميز ، وهو عنصر خاص بمعنى معين كان في نهاية السلسلة ولا يوجد في أماكن أخرى من المعجم ، ولا يمكن لأحد معاني الكلمه أن يمتلك معاني العناصرنفسها، والمكونات الدلالية التي يمتلكها معنى آخر لها , فكلمة عائن أي حاسد ، أو كلمة الدم ـ قدر دبغة والسحاب ... إلخ ، أو غيرها من المعاني الموجودة في داخل الأقواس المعقوفة لا يمكن أن تحلل لأصغر منها ، أو توجد في مكانين من المعجم .
وهذا يعني أن كلمة نفس يمكن أن تطلق على هذا الكم الكبير من المفردات نتيجة لتحليلها إلى عناصر تتكون منها عناصر أصغر منها عن طريق هذه المحددات الدلالية ، وما تحويه من مميزات أو مكونات دلالية .
ومن خلال المحدد الدلالي يمكن أن نعرف الخط الذي يختاره اللفظ في داخل الجملة من بين المعاني المختلفة للكلمة، فمن البداية يمكن أن نقول : هذا خط المعنى المادي أو المعنوي أو هذا الخط سيؤدي إلى معنى الدم ، أو الفرج أو غيرها من المعاني .
النفس

المعني المـــــادي
المعنى المعنوي

الخلق
الخلق الروح الروع العقل ( العظمة )
) الذى يكون بهااالحياة) ( الذي يكون به المييز)

[ الأنفة ] [الكبر ] [ العزة ] [ الهمة]
الغيب


[العند] [العائن] [آمرة با لشر] [ آمرة بالمعروف ]




(الجلد) (الجسد) (جملة الشيء وحقيقته)(الثوب القوي)(ذات الشيء)(لسعة في أي شيء)(لإنسان جميعه )

[الأخ]
[الريح ] [ قدر دبغة ] [ الدم ] [جوهره وكنهه]



[ النفس الداخل للصدر ] [ السحب التي تأتي بالغيث ] [ تفريج الكرب ] -[نفس الروضة طيب الرائحة]

[الريح الخارج من تحت إنسان]


[تنفست دجلة كثر ماؤها][ تنفس في الكلام أطال في الكلام [ تنفس الأجل طال واتسع][ تنفس اللنهارانتصف]




[تنفس العمر تراخى واتسع ][ جادت عينه أنفاسًا أي ساعة بعد ساعة][دار أنفس أوسع]







[ثوب أنفس أعرض وأطول][ مكان أنفس أبعد وأوسع][ نفس عنه وسع عليه][ كل ترويح بين الشربتين نفس]

وكذلك يمكن أن تمتد الفائدة المنشودة من تطبيق هذه النظرية إذا أدخلنا هذه اللفظة ( النفس ) في داخل جملة تامة ( وحينئذ يضاف إلى المكونات الدلالية السابقة عنصرًا آخر هو ( الوظيفة النحوية ) ففي جملة مثل: سالت نفس فلان على المذبح... يضاف إلى المكونات الأصلية المكون الإضافي وهو الفاعلية، وذلك لأن المحدد النحوي هو الذي يميز بين معنيين لكلمة واحدة تستعمل مرة اسمًا ومرة فعلاً ) ( ) .
التوليد الدلالي:
نرى ابن منظور يعطي تفسيرًا لكل خروج من معنى إلى معنى آخر يبدو جديدًا أو غريبًا علينا ، فيقوم بتفسير الرابط بين المعنيين ، بل إنه إلى جانب ذكر آراء الآخرين يذكر رأيه ، وما يرجحه من وجهة نظره ، كما في شرحه لمعنى النفس : عندما يقول ( والأجود هنا قول ابن الأنباري، إن النفس هنا الغيب ... لأن النفس لما كانت غائبة أوقعت على الغيب ، ويشهد بصحته قوله في آخر الآية ( إنك علام الغيوب ) ( ) .
أما في معنى التوليد الدلالي فهو في قوله ( والنفس الفرج من الكرب ) وفي الحديث ( لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن ) يريد أنه بها تفرج الكروب ، وينشئ السحاب وينشر الغيث ويذهب الجدب ... وهو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها أو من نفس الريح الذي يتنسمه فيستروح إليه ، أو من نفس الروضة وهو طيب روائحها ، فينفرج به عنه ) ( ) .
والتوليد الدلالي الذي يتحدث عنه المحدثون ما هو إلا استخدام لإمكانيات اللغة البلاغية والدلالية لتنمية معانى الكلمات ، وزيادة الثروة اللفظية ، وكل من يسعى في هذا الاتجاه من أبناء اللغة يسمى مبدعًا ، وذلك لما يدخله في اللغة من معان جديدة سواء أكان شاعرًا أم خطيبًا أم أديبًا ، حيث يستطيع المتكلم الذي يمتلك الكفاءة اللغوية أو تلك المقدرة اللغوية السليمة ، من أن ينتج ويولد ويجدد في مستويات لغته المختلفة الأصوات والأبنية والتراكيب والدلالة
فالتوليد الدلالي هو إبداع المتكلم الدلالات المعجمية، وتراكيب دلالية جديدة ، تختلف عن تلك الدلالة التي تفيدها الوحدة أو البنية المعجمية ، أو المعروفة والمألوفة بين أفراد الجماعة اللغوية ) ( ) .
هذا هو عمل المبدعين من شعراء وغيرهم ، ولكن هناك طائفة أخرى من المبدعين لم يشر إليهم هذا الحديث ، وهم علماء المعاجم الذين يتناولون المادة اللغوية بالدراسة ، ويتعرضون لكلمات موجودة في اللغة ولها دلالات مختلفة ، فيقوم هؤلاء العلماء بتحليل تلك المادة ، والبحث عن نقاط التقاء بين المعاني المختلفة للفظة الواحدة وما آل بها إلى هذا الطريق ، فكما نرى في عمل الأدباء إبداعًا ، نرى في عمل هؤلاء إبداعًا آخر، فسواء أكان الكلام من إبداع ابن منظور أو من سبقه من علماء المعاجم ممن نقل عنهم إلا أنه في النهاية يعود إلى عالم لغوي وليس لأديب .
ولهذا يجب أن نعيد النظر إلى تحليلهم اللغوي ، كما في قول ابن منظور: أن النفس يقصد بها الفرج من الكرب ، فيحلل سبب العلاقة بين النفس وتفرج الكرب ، بأن العلاقة تبدأ من أن الريح من نفس الرحمن ، وبها تفرج الكروب ، حيث الريح تُنشيء السحاب الثقال ، وينشر الغيث ويذهب الجدب ، ثم يوضح أن الباب الذي دخلت منه هذه الدلالات الجديدة لكلمة( نفس )هو الاستعارة ، حيث يقول ، وهو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها ، أو استعارة من باب آخر ، وهو من نفس الريح الذي يتنسمه فيستريح إليه ، أو من نفس الروضة وهو طيب روائحها فينفرج به عنه . فمن الهواء جاءت كل هذه الاستعارات .
إن هذا التناول بالتحليل للتداخل والترابط بين المعاني المختلفة للفظة برع فيه علماء المعاجم ، وأفادونا كثيرًا في هذا الباب بما يجعلنا نقبل بالدلالات المختلفة للفظة الواحدة ولا نستنكرها رغم أنهم ليسوا من أبدع تلك الدلالات الجديدة .
والحق أننا نقبل كلامهم من وجهين الأول : أنهم أكثر التحامًا بالتراث اللغوي ، وأعلم بتاريخ الألفاظ وأصولها واشتقاقها ، والوجه الثاني أنهم من المتكلمين باللغة فهم ممن يعدهم علماء النحو التحويلي التوليدي المتكلم المثالي ، ولا ننسى أن هذا المتكلم هو المطور والمجدد الفعلي للغة ، حيث يضيف على مدى الأجيال دلالات جديدة للفظة الواحدة قد لا يدركها باقي المتكلمين باللغة ، لكنها تبقى ، وتثبت في أصل اللغة مع مرور الأزمان ، ويصبح كلامهم فيما بعد مما سماه العلماء بالمجازات المنسية ( الاستعارات الميتة ) مثل أعضاء جسم الإنسان ، التي توسع في استعمالها ، ، إلى استعمالات أخرى مشابهة مثل : فم الزجاجة ، رجل الكرسي ـ أذن الكوب ، وغيرها ( ) . فكثير منا يستخدم هذه العبارات ولا يرى فيها بلاغة لأنها تراث قديم كثر استخدامه رغم أنه ليس حقيقة ، بل مجازًا ، فليس للكوب أذن مثل الإنسان ، ولا للكرسي رجل ، أو للزجاجة فم . لكن من جاء فوضح لنا كيف تحولت كلمة نفس مثلاً من معنى إلى معنى آخر ، أو كيف أصبحت تحمل هذا الكم الكبير من الدلالات إنه لمبدع أيضًا ، رغم أنه ربما لا يكون مصيبًا في مواضع كثيرة
« آراء المحدثين في التوليد الدلالي » .
لقد اختلفت مفاهيم العلماء المحدثين حول التوليد الدلالي « أمثال ليفن sr. Levin و ميللر وليكوف وجونسون ونوربك وجاكندوف » وغيرهم عن التفكير التقليدي الذي كان سائدًا في الدراسات الدلالية ، التي كانت معنية بأمور تتعلق بالبحث في قضايا الانتقال الدلالي من المعنى الوضعي عن طريق الاشتقاق ، ونحوه إلى معان عامة أو خاصة .
لقد عنى هؤلاء الباحثون من العلماء المحدثين بالتركيز على مفهوم الإبداعية في التوليد الدلالي ، باعتباره خاصية جوهرية . باستعمالهم للتحويلات الاستعارية ، أو للنقول الكنائية ، تلك التحويلات والنقول ، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من كفاءتهم ، ومقدرتهم اللغوية ( ) .
هذا القول هو ما سبق أن ذكرته من ضرورة الاهتمام بالمتكلم المثالي ، وما لديه من مقدرة لغوية تمكنه من إنشاء ألفاظ جديدة ، ومعان مولدة اعتمادًا على ما لديه من كفاءة ومقدرة لغوية ، مستخدمًا باب المجاز والاستعارة والعلاقات البلاغية .
وإن هذه الاستعارات والكناية تعد عند ليتش CLEECH إسهامًا جيدًا في دراسة الدلالات المعجمية ، التي تعنى برصد اشتقاقات المعاني الجديدة للكلمات الموجودة مسبقًا في المعجم ، فهي قواعد لا تفسر الكيفية التي تظهر بها مداخل جديدة على أساس المداخل الموجودة مسبقًا ، بل تفسر ـ أيضًا ـ علاقات الاشتقاق التي تتصرف عليها بين المداخل المعجمية القائمة في اللغة ، حيث يعالج ( ليتش ) النقل الدلالي ( الاستعارة ـ الكنائي ) عن طريق قواعد معجمية تكون فيها التخصصات الصورية للوحدات المعجمية متماثلة مع تغيير في التخصصات الدلالية .
وتلعب العلاقات التصورية دورًا أساسيًا في خلق البنية التصورية عن طريق المجاورة ، وتتحدد علاقات المجاورة على أسس إدراكية ، وتأويلية بالدرجة الأولى ، وهي علاقات وثيقة الصلة بقواعد الاستنتاج ، إذ يجب أن تعكس مبادئ المجاورة القواعد العامة للاستنتاج الصحيح » ( ) .
المبادئ المحددة لعلاقات المجاورة في الأبنية المعجمية :
أ ـ مبدأ السببية ( علاقة سبب مسبب ) .
ولاتساع آفاق هذا المبدأ ، فيمكنه أن يشمل أيضًا :
1ـ علاقة ناتج منتج : مثل : مؤلف ، كتاب .
2ـ علاقة أداة منتج ، مثل : آلة تصوير ، صورة .
3ـ علاقة الموضوع بالفعل مثل : الكتاب ، الكتابة .
4ـ علاقة أداة بالفعل مثل : السيف ـ القتال .
5ـ علاقة المنفذ بالفعل ، مثل : تسابق ، متسابق .
6ـ علاقة المنفذ بالأداة ، مثل : سياف ـ سيف .
ب ـ علاقة الجزء بالكل ، مثل : الشراع ـ السفينة .
جـ ـ علاقة الوعاء . المحتوى ( الحال ـ المحل ) المكانية .
د ـ علاقة المالك بالملكية ( ) .
وفي إطار هذه المبادئ المحددة لعلاقات المجاورة في الأبنية المعجمية يمكننا تناول ما حلله، ابن منظور من علاقات داخل هذه المادة اللغوية في معجمه ( النفس ) وبهذا يمكننا أيضًا إعطاء تصورًا للمعنى الأصلي للكلمة، وما تولد عنه من معان ، وما يربط بينها من علاقات . كما يلي :
1ـ النفس ـ الروح . لماذا كانت النفس تساوي الروح ؟ إن هذا جاء من باب آخر غير المجاز وهو باب التشبيه ، فبين الروح والنفس مشابهة ، فكلاهما لا يُرى بالعين ، حيث نشعر بتأثيره ، وفعله ولا نراه ، ثم يأتي لنا ابن منظور بمبررات هذا التماثل بين النفس والروح ، حيث يقول : خرجت نفس فلان أي روحه وكلاهما لا يُرى ( النفس والروح ) إلا أنهما بوجودهما يفرقان بين حالتين متناقضتين وهما ( الموت والحياة ) .
والمثال الثاني لهذا التماثل هو قوله ( وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا أي في روعه ) أي ما أضمره وأخفاه هو أن يفعل كذا . ووجه الشبه بينهما لا زال قائمًا وهو الخفاء وعدم الرؤيا فيهم ( أي النفس والروح والضمير والروع ) ، ويضيف إليهم ابن منظور شيئًا معنويًا آخر وهو الغيب ، وهو يُعد قمة الاختفاء ، وكلها معاني جديدة لكلمة نفس .
2ـ النفس ، ذات الشيء
وفي المقابل يذكر شيئًا ماديًا مساويًا للنفس ، وهو ذات الشخص ، أو الشيء ، يقول ( معنى النفس هنا بمعنى جملة الشيء ، وحقيقته ، تقول : قتل فلان نفسه أو أهلك نفسه أي أوقعها الإهلاك بذاته كلها وحقيقته ) ( ) .
وهذا هو الجانب المادي للمعنى حيث يتحول المعنى المعنوي إلى المادي لعلاقة ما بينهما ، فتجاوز من الدلالة على الشيء الغير المحسوس إلى الإشارة إلى الوعاء أو المحتوى أو المكان الذي تسكن فيه النفس ، وهو البدن أو الجسد ، ثم تشيع لتشمل كل وجود مادي للشيء الذي نشير إليه ، فكلمة( نفس) البيت تعني الجانب المادي منه ، ونفس الشخص الجانب المادي لهذا الشخص ، وهكذا تصبح كلمة( نفس) تعني ذات الشيء الظاهرة، لعلاقة الوعاء أو المحتوى .
3ـ النفس = الدم
يقول ابن منظور ( وإنما سمى الدم نفسًا لأن النفس تخرج بخروجه ) وهنا يوضح ابن منظور العلاقة بين الدم والنفس بأنها علاقة سببية ، حيث الدم سبب لحياة الإنسان ، وهو بذلك يساوي نفس الإنسان ، ولهذا صح أن يطلق عليه ( أي الدم ) نفسًا .
4ـ النفس = الأخ
يقول ابن منظور ( وأما النفس بمعنى الأخ فشاهده قوله (فسلموا على أنفسكم ) [ النور:61] وهذا التأويل يدخل في إطار المعنى المادي ، وهو الإشارة إلى الذات الإنسانية ، ولكن ليس المشار إليه نفس الشخص ، بل إخوانه الذين يدخل عليهم فيسلم عليهم ، فاعتبر هذا السلام سلاما على النفس ، على اعتبار أن يكون البيت خاليًا من البشر أو لغير المسلمين فجاء اللفظ نكرة ( بيوتًا ) ليعطي معنى الشمول ، والعموم لأي بيت ساكنًا أو خاليًا فيجب السلام ، والعلاقة هنا علاقة الوعاء أو المحتوى ، أي المكانية .
5ـ النفس = الغيب
يقول ابن منظور ( وأما التي بمعنى عند فشاهده ( تعلم ما في نفسي ) أي ما عندي ، والأجود هنا قول ابن الأنباري : إن النفس هنا الغيب ... لأن النفس لما كانت غائبة أوقعت على الغيب ويشهد بصحته قوله في آخر الآية ( إنك أنت علام الغيوب ) والمقصود بهذا القول أن النفس تساوي الشيء الغيبي ، وهي لهذا تحوي الأشياء التي تعد غيبية بالنسبة لغير صاحبها ، وقد أشار ابن منظور إلى هذا الجانب الغيبي في النفس ، وهو السبب في جعلهم يقصدون بها الغيب ، رغم أن الغيب من صفات النفس ، وليس كل النفس ، ولا كل صفاتها ، ولهذا تعتبر العلاقة بين النفس والغيب علاقة الجزء بالكل .
6ـ النفس = نفسين
يقول ابن منظور ( والعرب قد تجعل النفس التي يكون بها التمييز نفسين ، وذلك أن النفس قد تأمره بالشيء وتنهى عنه ؛ وذلك عند الإقدام على أمر مكروه ، فجعلوا التي تأمره نفسًا وجعلوا التي تنهاه نفسًا أخرى )(1) .
وهذا القول لابن منظور يفهم منه أنه غير مقتنع بأن هناك نفسين حيث يقول : كأنها نفس أخرى ، وهذا حق لأنها نفس واحدة ، وليست كما تصورت العرب ، إنما هو سلوك تسلكه النفس ناحية الخير أو ناحية الشر . فسميت أمارة بالسوء أو لوَّامة على فعله ، ولهذا لا يدخل معنا هذا القول على أنه تغير دلالي ، بل هو خطأ في الفهم ، أو لبس ، حيث نجد نفس الشخص ( أي نفس النفس ) في موقف ما لوَّامة ، وفي موقف آخر أمّارة .
أما ما رواه عن ابن عباس ، وهو قوله ( لكل إنسان نفسان : إحداهما نفس العقل الذي يكون فيه التمييز والأخرى نفس الروح الذي به الحياة ، ومن اللغويين من سوى النفس بالروح ، وقال هما شيء واحد ، إلا أن النفس مؤنثة والروح مذكر ، وقال غيره الروح هو الذي به الحياة ، والنفس هي التي بها العقل ، فإذا نام الإنسان قبض الله نفسه ، ولم يقبض روحه ، ولا تفيض الروح إلا عند الموت )( ) .
هذا التنوع تناولناه منذ قليل ، وهو العلاقة بين النفس والروح ، فالأول هو ذات الشخص ، والثاني هو دليل حياته ، فهو يحيا لوجود الروح في جسده ، ويموت بخروجها ، أما النفس فلا تموت ، فهي حية دائمًا حتى بعد خروج الروح من الجسد في حياة البرزخ حتى البعث ، حيث ترد الروح إلى الجسد فقط ، ولهذا اعتبروا النفس عاقلة ويكون بها التمييز ، ولهذا كان عليها الحساب والعقاب والنعيم ، أما الروح ، فهي وسيلة حياة تمكن النفس أن تسكن في الجسد ، ثم تخرج منه ، فينفصل الجسد عن الروح ، وتصعد النفس من بينهما إلى السماء .
أما نوم الإنسان فهو توقف عن الإدراك ، وليس عن الحياة ، والإدراك خاص بالنفس ، ولهذا فالنائم تقبض نفسه ، وليس روحه ، فإذا شاء الله أن ينهى هذه الشراكة بين النفس والجسد أخرج من بينهما سبب الحياة ، وهو الروح فمات الشخص .
إذن لدينا ثلاثة أشياء : نفس ـ روح ـ جسد ، ولكل منهم دور ووظيفة ، وقلنا سبب إطلاق اسم نفس على الروح لعلاقة بينهما وهي المشابهة في الاستتار والغيبية .
7ـ النفس = الحاسد
يقول ابن منظور ( النفس : العين والنافس العائن والمنفوس المعيون والنفوس العيون الحسود المتعين لأموال الناس ليصيبها ، وما أنفسه أي ما أشد عينه .. والنفس العين التي تصيب المعين ) .(1)
والمسألة هنا لماذا تسمى العين نفسًا ؟ وما العلاقة بينهما ؟
إن للحاسد قوة غيبية وتأثيرًا فاتكًا ، لا يُرى بالعين المجردة ، ولكن بالبصيرة فمن كان حاسدًا كان نافسًا ، أي كالنفس التي تفكر وتدبر في داخلها المكر ، ولا يعلم بهذا المكر إلا الله فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، ومن هذا الباب كان تسمية الحاسد بالنافس لعلاقة المشابهة بين النفس والعين في التخفي ، وما لها من قوة تخفى عن المحسود .
8 ـ النفس = العظمة
يقول ابن منظور ( والنفس العظمة والكبر والنفس العزة والنفس الهمة ، والنفس الأنفة ) ( ) .
كل هذه المعاني من الفخر والاعتزاز بالنفس تعطيها لنا كلمة نفس لماذا ؟ لأنها تساوي الشخص ذاته فكما يقول هو النفس عين الشيء وكنهه وجوهره . ومن هنا تكون النفس مساوية لذات الشخص ، وهي محل اعتزازه ومحل كبريائه وفخره .
والعلاقة هنا سببية ، حيث هي علاقة بين الفعل ومنفذه فالنفس هي الشخص والفعل هو الكبرياء والفخر والاعتزاز . فالنفس سبب العزة والفخر ، ومن ليس له نفس كبيرة لا يجد ما يعتز به .
9 ـ النفس = الفرج
يقول ابن منظور ( والنفس الفرج من الكرب ، وفي الحديث لا تسبوا الريح ، فإنها من نفس الرحمن ، يريد أنه بها تفرج الكروب ، وينشئ السحاب ،و تنشر الغيث ، ويذهب الجدب ... وهو مستعار من نفس الهواء يُرده التنفس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها، أو من نفس الريح الذي يتنسمه فيستروح إليه ، أو من نفس الروضة ، وهو طيب روائحها فينفرج به عنه ) ( ) .
هذا الكلام تفسير شامل دقيق لعملية التحول الدلالي من كلمة (نفس) بمعنى ذات . إلى ما يسبب وجودها ، وهو الهواء الداخل إلى الجوف ، فيسمى نفسًا ، فيطلق بعد ذلك على كل هواء نفس ، ومنه النسيم في الروضة ، وكذلك الريح نفس لأنه سبب في حياة البشر بما يجلبه من غيث ، وتلك عملية توليد دلالي لمعنى نفس كيف أصبحت أنفس ، كما أوضح ابن منظور ، وسيطرت على عدد من المعاني الجديدة لعلاقة هي السببية ، حيث الهواء سبب في حياة النفس فسمي نفسًا ، وكل هواء نفس .
وقال ابن منظور : وسميت النفس نفسًا لتولد النفس منها واتصاله بها ، كما سموا الروح روحًا لأن الروح موجودة به ) وهذا القول يجعل التفسير مقلوبًا ، حيث يسمى النفس من النفس ، وليس العكس ، والروح روحًا لأن الروح موجود به ، وهذا موضع اشتباه ، فلا ندري من أُطلق عليه أولاً كلمة نفس ، هل الهواء الداخل للجوف ؟ أم نفس الإنسان ؟
تاج العروس
نجد عند الزًّبيدي في كتابه ( تاج العروس من جواهر القاموس ) وهو متأخر ، نجد المادة اللغوية نفسها التي ذكرها ابن منظور من قبل ، وقد نقل عنه ما عنده ، ولهذا لا نتعرض لما سبق ذكره من المعاني التي قالها ابن منظور ، بل سنقف عند ما لم يذكره .
1 ـ قال الزًّبيدي: ( ...... ومن المجاز النفس كالدم ) يُقال سالت نفسه كما في الصحاح وفي الأساس : دفق نفسه ، أي دمه ) ( ) .وهو ما قاله ابن منظور ، ولكن مع إضافة قضية المجاز ، فهو يعتبرها صراحةً مجازًا ، ثم قال وإنما سمى الدم نفسًا لأن النفس تخرج بخروجه ) ، وهو توضيح لنوع المجاز بأن علاقته سببية ، حيث الدم سبب لحياة النفس ، فلو خرج لمات الإنسان ( ) .
2 ـ النفس والروح :
يقوم الزًّبيدي بالتفريق بين النفس والروح ، ولكن من منظور لغوي بعيدًا عن الفلسفة ، وعلم النفس وغيرهما من العلوم الإنسانية التي تناولت معنى هذا اللفظ ، ولذلك سأذكر كل ما قاله حول هذا الفرق ، يقول الزًّبيدي ( وقال السهيلي في الروض : كثرت الأقاويل في النفس والروح ، هل هما واحد ؟ أو النفس غير الروح ، وتعلق قوم بظواهر من الأحاديث تدل على أن الروح هي النفس ... وألفاظ الحديث محتملة التأويل ومجازات العرب واتساعاتها كثيرة ، والحق أن بينهما فرقًا ، ولو كانا اسمين بمعنى واحد ، كالليث والأسد ، لصح وقوع كل واحد منهما مكان صاحبه ، كقوله تعالى ( ونفختُ فيه من روحي ) ولم يقل : من نفسي ، وقوله ( تعلم ما في نفسي ) ولم يقل ( ما في روحي ، ولا يحسن هذا القول أيضًا من غير عيسى عليه السلام ( ويقولون في أنفسهم ) ولا يحسن في الكلام : يقولون في أرواحهم ، وقال ( أن تقول نفس ) ولم يقل : أن تقول روح ، ولا يقوله أيضًا عربي ، فأين الفرق إذا كان النفس والروح بمعنى واحد ؟ وإنما الفرق بينهما بالاعتبارات ويدل لذلك ما رواه ابن عبد البَرِّ في التمهيد ، الحديث ( إن الله تعالى خلق آدم وجعل فيه نفسًا وروحًا ، فمن الروح عفافه ، وفهمه ، وحلمه وسخاؤه ، ووفاؤه ، ومن النفس شهوته وطيشه، وسفهه ، وغضبه ، فلا يقال في الروح هي النفس إلا كما يقال في المني هو الإنسان ... على معنى أنه سيضاف إليه أوصاف يسمى بها إنسانًا ، فتقيد الألفاظ هو معنى الكلام ، وتنزيل كل لفظ في موضعه هو معنى البلاغة ، إلى آخر ما ذكره ) ( ) . هذا الكلام للزُبيدي نقلاً عن السُّهَيْلِيُّ ، وإن ما ذكره السهيلي ، قام الزًّبيدي بعمله من وضع كلمة نفس مكان روح والعكس في الآيات السابقة . جعل فروق المعنى تتضح ، حيث الموضع الذي جاءت فيه كلمة نفس لا تصح فعلاً مكانه كلمة روح ، وهو تطبيق عملي لتوضيح الفرق بينهما ، فتبين أن تلك المواضع الخاصة بالنفس بينتْ أن النفس شيء يتبع العقل ، فهي تقول وتعلم وتلك من خصائص العقل ، وأما الروح فهي نفخة من روح الله بها دبتْ الحياة في جسد آدم وذريته ، ولكن لا يكون بها العقل ، والفهم والإدراك ولأن الروح نفخة من الله كان منها عفاف الإنسان وحلمه وسخاؤه ووفاؤه ، والعلاقة بينهما سببية أيضًا ، فكلاهما سبب لحياة الآخر .
3 ـ النفس = قَدْرُ دِبغة
ذكره ابن منظور ، ولكن الزًّبيدي أفاض في شرح معنى الدبغة فقال : ( الدبغة بكسر الدال وفتحها مما يدبغ به الأديم من قَرَظ وغيره ، يقال : هب لي نفسًا من دباغ ... قال الأصمعي : بعثت امرأة من العرب بنتًا لها إلى جارتها ، فقالت لها : تقول لكِ أمي : أعطيني نفسًا أو نفسين أمعس به منيئتي فإني أَفِدَةٌ ، أي مستعجلة ، لا أتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة ، انتهى ، أرادت : قدر دبغة أو دبغتين من القرظ الذي يدبغ به ، المنيئة ، المدبغة ، وهي الجلود التي تُجعل في الدباغ ، وقيل : النفس من الدباغ ملء الكف ، والجمع أنفس ) ( ) .
وهذا الكلام يشير إلى ما تعنيه دبغة ، ولماذا سميت الدبغة بالنفس ، إن النفس هنا تحولت إلى مقدار ، وهو ملء الكف يقابله قدر النفس الذي يخرج من الجوف قدر به ملء الكف من الدبغة ، فقالوا قدر دبغة أو دبغتين ، أي نفسين يخرجهما المتكلم من جوفه فالعلاقة هنا المشابهة بين النفس والدبغة فقدر بالنفس الدبغة وأصبح النفس مقدارًا يُقدر به .
4 ـ النفس = العقوبة
قال الزًّبيدي ( والنفس العقوبة : قيل ومنه قوله تعالى ( ويحذركم الله نفسه ) أي عقوبته ، وقال غيره : أي يحذركم إياه ( ) ، وهذا هو الصحيح ، أي أن الله يحذر الناسَ من عذابه أو من غضبه لو خالفوا أمره ، والمقصود ذات الله التي يصدر عنها رضاه أو غضبه فالعلاقة بينهما ، أي النفس والذات الإلهية وعقابها علاقة الجزء بالكل ، فالذات هي النفس والجزء الذي من صفاتها هو العقوبة ، فإذا أطلق اسم الذات ، وهو النفس وأراد العقوبة ، فإنه يكون أطلق الكل ( النفس ) وأراد الجزء وهو العقوبة .
5 ـ نفس = السعة
قال الزًّبيدي ( النفس .. هو خروج الريح من الأنف والفم ، ويراد به ( السعة ) يقال : أنت في نفس من أمرك ، أي سعة ، قال الجوهري وهو مجاز ، وقال اللحياني : إن في الماء نفسًا لي ولك ، أي متسعاً وفضلاً ، ويقال بين الفريقين نفس : أي متسع ، والنفس أيضًا الفسحة في الأمر ، يقال : اعمل وأنت في نفس ، أي فسحة وسعة ، قبل الهَرَم والأمراض والحوادث . وفي الصحاح : النفس الجرعة يقال : اكرع في إناء نفسًا أو نفسين أي جرعة أو جرعتين ... عن ابن الأعرابي : النفس الري والنفس الطويل من الكلام . وقد تنفس ومنه حديث عَمَّار ( لقد أبلغتَ أوجزت فلو كنت تنفست ) أي أطلت ، وأصله أن المتكلم إذا تنفس استأنف القول وسهلت عليه الإطالة ، قال أبو زيد : كتبت كتابًا نفسًا ) أي طويلاً ... الريح ( نفس الرحمن ) ... وينفس تنفيسًا ونفسًا ، أي فرجّ عنه الهم تفريجًا ... وإن الريح من تنفيس الرحمن ينفس بها عن المكروبين ... وهو مستعار من نفس الهواء الذي يردده المتنفس إلى الجوف ... ويقال شراب ذو نفس : وفيه سعة وري . والنفيس المال الكثير الذي له قدر وخطر يقال : لفلان مُنْفس ونفيس ، أي مال كثير يضن به ( ) .
نلاحظ هنا أن كلمة ( النفس ) تحولت لتعني السعة من معنى الريح الخارج من الأنف أي الهواء الذي نتنفسه . ومن خلال معنى السعة أصبحت تطلق على كل شيء فيه سعة مادية ومعنوية نحو :
أ ـ أنت في نفس من أمرك = أي سعة .
ب ـ إن في الماء نفسًا لي ولك = أي سعة أو متسعًا .
ج ـ بين الفريقين نفس = أي متسع .
د ـ النفس = فسحة في الأمر .
هـ ـ يقال اعمل وأنت في نفس = أي فسحة وسعة .
و ـ النفس أي الجرعة ، يقال أكرع في الإناء نفسًا أو نفسين أي جرعة أو جرعتين .
ز ـ النفس ، يقال شراب ذو نفس فيه سعة وري .
ح ـ ( والصبح إذا تنفس ) أي تبلَّج وامتد حتى يصير نهارًا بينًا .
ط ـ دارك أنفس من داري أي أوسع .
ي ـ وهذا الثواب أنفس من هذا ، أي أعرض وأطول وأمثل .
ك- وهذا المكان أنفس من هذا ، أي أبعد وأوسع
ل ـ تنفس في الكلام أطال .
م ـ تنفست دجلة زاد ماؤها .
و ـ وزدني نفسًا في أجلي أي طول الأجل .
ن ـ تنفس النهار أي انتصف .
س ـ وتنفس العمر منه إما تراخى وتباعد وإما اتسع .
ع ـ وجادت عينيه عَبْرة أنفاسًا ، أي ساعة بعد ساعة .
ف ـ غائط متنفس ، أي بعيد .
ص ـ وتنفس الرجل : خرج من تحته ريح ، وهو على الكناية .
ش ـ ونفَّس قوسه ، إذا حط وترها .
ت ـ ونفس الساعة آخر الزمان .
هـ ـ النفس الطويل من الكلام ، ومنه كتبت كتابًا نفسًا أي طويلاً .
ز ـ الريح نفس الرحمن وتفرج الكروب ، ومنه تنفس تنفيسًا أي فرج عنه كربه .
ى ـ النفيس المال الكثير ، ومنه الشيء النفيس الغالي .
كل هذه المعاني قد تولدت من معنى النفس ، حين صارت تعني المتسع ، فأصبحت تشمل أشياء كثيرة في الحياة ، مادية ومعنوية ، وكأن الناس سارعوا بتوليد هذه الدلالات المعبرة على السعة اشتقاقًا من النفس الذي يتنفسه الإنسان نظرًا لأهميته بالنسبة لحياة الإنسان فلا حياة بدونه ، ولا حياة بدون الماء أو الرزق وذهاب الكرب وغيرها من هذه المعاني.
وكل ما يدخل في باب واحد من العلاقة بين النفس وما تولد حولها من معان ، ألا وهو باب السببية ، حيث كانت النفس تحيا بالهواء الداخل من الأنف ، فكان وجوده دليلاً على السعة والفرج ، فهو ( أي الهواء ) سبب لحياة النفس الإنسانية ، فهي علاقة سببية .
6 ـ النفس = الدم الحائض
سبق أن ذكر هذا المعنى ابن منظور ، ولكن الزًّبيدي أضاف هنا أشياء جديدة ، يقول الزًّبيدي ( ومن المجاز : النفاس بالكسر : ولادة المرأة ... مأخوذة من النفس بمعنى الدم فإذا وضعت فهي نفساء ونفساء بالفتح، ويحرك وقال ثعلب النَّفساء : الوالدة والحامل والحائض ... ونُفِسَتْ المرأة إذا حاضت ، وهنا توليد دلالي آخر حيث أخذ من معنى النفس الذي يعني الدم كلمة النُفساء للمرأة التي ينزل عليها الدم ، وهو من باب العلاقة السببية فالدم سبب للحياة فسمي نفسًا ، وعلاقة الكل بالجزء بين الدم والحائض فهو بعض دم المرأة سمي بالكل أي الدم ، وهو هنا النفس ، فهنا علاقتان في شيء واحد .
7 ـ النفس = الإنسان جميعه ( روحه وجسده )
يقول الزًّبيدي ( كقولهم : عندي ثلاثة أنفس ، وكقوله تعالى ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) قال السهيلي في الروض : وإنما اتسع في النفس وعبر بها عن الجملة لغلبة أوصاف الجسد على الروح حتى صار يسمى نفسًا ، وطرأ عليه هذا الاسم بسبب الجسد ، كما يطرأ على الماء في الشجر أسماء على حسب اختلاف أنواع الشجر من حلو وحامض ومر وحريف ( ) . وهنا تفسير لسبب هذا التوليد من النفس إلى الجسد ، وهي هنا علاقة الكل بالجزء ، حيث انتقلت دلالة الجزء إلى الكل لعلة ، وهي غلبة أوصاف الجسد على الروح حتى سمي نفسًا ، ثم أصبحت تعني ( نفس ) ذات كل شيء المادية أو المعنوية التي نراها أو نحسها ولا نراها .
8 ـ المعاني الثانوية للنفس وعلاقتها بمعنى كلمة نفس :
ذكر الزًّبيدي مجموعة من المعاني لكلمة نفس منها :
أ ـ ( نافس فيه ) ينافسه منافسة إذا رغب فيه على وجه المباراة في الكرم والتنافس : الرغبة في الشيء والانفراد به ، وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه وقوله عز وجل ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) سورة المطففين الآية 26 ، أي فليتراغب المتراغبون ( ) . والعلاقة بين النفس والمباراة هو ما في النفس من حب للحياة ، فالإنسان يتبارى ويتنافس من أجل نفسه ، والعلاقه هنا سببية كعلاقة المنفذ بالفعل مثل : تسابق ومتسابق فالنفس نفيسة ، ولهذا يتسابق عليها ، وكل ما يتصل بها هو شيء نفيس ، ومنها كانت العلاقة بين النفس والمنافسة .
ب ـ ومن هذا الباب ( الشيء النفيس ) وهو ما يضن به الإنسان من أشياء مثل قولهم ( ومال نفيس : مضنون به ) وسمى الولد ضنى لأنه يُضن به ، فهو شيء نفيس .
جـ ـ ( وشيء نافس : رَفُعَ وصار مرغوبًا فيه .
د ـ وأنفس الشيء : صار نفيسا وهذا أنفس ما لي أي أحبه عندي لأنه يتنافس عليه كالنفس عندي أي كنفسي .
هـ- ونفسني فيه : رغبني أي أطمعني فيه وجعل نفسي ترغبه وصارعندي كنفسي.
كل هذه المعاني تولدت من معنى كلمة واحدة وهي ( نفس ) فانظر كم معنى ذكرناه إلى الآن لهذه الكلمة ؟ وكم أثرتْ هذه المعاني اللغة وزادت من ثروتها اللغوية ؟
ولعل السبب عندي في النمو الغزير لمعاني هذه الكلمة هو قدمها ، فهي من أقدم المفردات التي وجدت في اللغة لأنها تشير إلى ذات الإنسان ، فكثر استخدامها ، ثم قام الإنسان بتوظيفها في معان أخرى ، وتوليد دلالات جديدة منها ، وتشعبت في دروب الحياة ، حتى تكونت لنا شجرة من المعاني كثيفة الفروع ، كثيرة الأوراق ، ويبدو هذا التصور لمعاني هذه الكلمة لو رسمنا تصورًا شجريًا لتشعب معاني الكلمة .
المشرف العام
المشرف العام
Admin

عدد المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 13/06/2010

http://almadawe.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موضوعك الأول Empty لفظة نفس في القرآن الكريم - دراسة دلالية معجمية - أ.د.عطية سليمان أحمد الفصل الثالث

مُساهمة  المشرف العام الأحد 13 يونيو 2010 - 14:52

الفصل الثالث
النفس في كتب المشترك اللفظي
ظهرت كتب كثيرة منذ وقت مبكر عالجت ظاهرة المشترك اللفظي ، وهو اللفظ الذي يحمل أكثر من معنى .
أ ـ فمنها ما اتجه إلى دراسته في القرآن الكريم .
ب ـ ومنها ما اتجه إلى دراسته في الحديث النبوي الشريف .
جـ ـ ومنها ما اتجه إلى دراسته في اللغة العربية ككل .
وأقدم ما وصلنا من كتب تدخل تحت النوع الأول هي :
1 ـ الوجوه والنظائر ( أو الأشباه والنظائر ) في القرآن الكريم لمقاتل بن سليمان البلخي ت 150 .
2 ـ الوجوه والنظائر في القرآن لها رون بن موسى الأزدي الأعور ت 170 هـ .
3 ـ الوجوه والنظائر للحسين بن محمد الدامغاني ( ) .
وقد أخترت من بين هذه الكتب التي تحدثتْ عن المشترك اللفظي في القرآن ، كتابين هما :
1 ـ الأشباه والنظائر في القرآن الكريم لمقاتل بن سليمان البلخي .
2 ـ الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز لأبي عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني .
وسوف أحاول تحليل كلمة نفس من خلال المادة اللغوية المسجلة عندهما .
ولكن نعرف أولاً : معنى مصطلح ( مشترك لفظي ) .عند القدماء .
عَرَّفَ السيوطي المشترك اللفظي عند الأصوليين بقوله ( اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء ، عند أهل تلك اللغة ( ) .
ويفهم من هذا التعريف أن المشترك اللفظي يكون على وجه الحقيقة أي أن الألفاظ المشتركة تفيد الدلالة على الشيء ، وعلى خلافه وضده حقيقة على طريق الاشتراك ( ) .
ويكون المشترك أيضًا من باب دلالة اللفظ على تمام ما وضع له ، أي دلالة المطابقة الوضعية بخلاف المجاز ، التابع للدلالة العقلية سواء أكانت دلالة تضمن أم دلالة التزام ( ) .
وإذا كان رأي العلماء العرب هو الاجماع على وجود المشترك اللفظي في اللغة العربية ، فإننا نجد بعض علماء اللغة كابن درستويه الذي ينكر المشترك اللفظي بمفهومه على وجه الحقيقة ، حيث يقول ( فظن من لم يتأمل المعاني ، ولم يتحقق الحقائق ، أن هذا لفظ واحد ، وقد جاء لمعان مختلفة ، وإنما هذه المعاني كلها شيء واحد ، وهو إصابة الشيء خيرًا كان أو شرًا ، ويقول أيضًا : ( فإذا اتفق البناءان في الكلمة والحروف ، ثم جاءا لمعنيين مختلفين ، لم يكن بد من رجوعهما إلى معنى واحد . يشتركان فيه ، فيصيران متفقي اللفظ والمعنى ) ولكننا نجده على الرغم من ذلك يحدد لنا الأسباب التي تدعو إلى نشوء الاشتراك ، حيث يقول : فلو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين ، لما كان ذلك إبانة ، بل تعمية وتغطية ، ولكن قد يجئ الشيء النادر من هذا لعلل ...
وإنما يجئ ذلك في لغتين متباينتين ، أو لحذف واختصار قد وقع الكلام ، حتى اشتبه اللفظان، وخفي ذلك على السامع ، وتأول فيه الخطأ ( ) .
كما فهم هذا أبو علي الفارسي فقال ( اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ، ينبغي ألا يكون قصدا في الوضع ، ولا أصلا ، ولكنه من لغات تداخلت ، أو أن تكون كل لفظة تستعمل بمعنى ، ثم تستعار لشيء ، فتكثر وتغلب ، فتصير بمنزلة الأصل ( ) .
إن هذا الخلاف بين علمائنا يوضح مدى فهمهم لهذه القضية (المشترك اللفظي ) وأنهم درسوها من كل الجوانب من أسبابها وعوامل وجودها ، فكلام السيوطي بأن المشترك اللفظي أن تؤدي كلمة واحدة أكثر من معنى يفهم منه أن ذلك إذا تحقق فينبغي أن يحدث دون النظر إلى :
1 ـ ما إذا كانت هناك علاقة بين المعنيين أو لاً .
2ـ ما إذا كان المعنيان متضادين أو لاً .
3 ـ ما إذا كان المعنيان موزعين على لهجتين ، أو مستعملين في لهجة واحدة .
4 ـ ما إذا كانت الكلمة في أحد معنييها تنتمي إلى قسم معين من أقسام الكلام ، وفي المعنى الآخر إلى قسم آخر ، وكانت تنتمي بمعنييها إلى قسم واحد ( ) .
وهذه الشروط جميعًا توضح أن المقصود بالمشترك اللفظي ما أشار إليه السيوطي من أنه كلمة واحدة تؤدي أكثر من معنى دون النظر إلى ما ذكره ابن درستويه وأبو علي الفارسي وغيرهم من شروط لحدوث المشترك اللفظي
عند المحدثين :
ولكن المحدثين نظروا إلى القضية من زاوية أخرى ، فقسموا المشترك اللفظي لقسمين هما :
1 ـ الأول : وهو الذي حدث نتيجة تطور دلالي ، أي اكتساب الكلمة معنى جديدًا ، أو معانيٍ جديدة ، وهذا يحدث نتيجة تطور المجتمع وكثرة المفاهيم الجديدة وتشابكها ، مما يجعل المتكلمين يبتكرون ألفاظًا جديدة ، لتشير إلى هذه المعاني ، أو تطوير وتوسيع في دلالة ألفاظ موجودة من قبل لتدل على أكثر من معنى كما في كلمة operation التي تدل على معان كثيرة مثل الخطة العسكرية أو العملية الجراحية أو الصفقة المالية ويسمى هذا النوع : بوليزيمي polys emy .
2 ـ الثاني : وهو ما يحدث نتيجة لتطور في نطق الكلمة ( تطور صوتي ) ويحدث هذا حين توجد كلمتان ، تدل كل منهما على معنى ، ثم يحدث عن طريق التطور الصوتي ، أو تتحد أصوات الكلمتين ، وتصبحان في النطق كلمة واحدة ، مثل كلمة : sea بمعنى بحر ، see بمعنى يرى ولا يهم اختلاف الهجاء ، ويسمى هذا النوع : هومونيمي homonymy كلمات متعددة ومعان متعددة ( ) .
الفرق بين النوعين :
اقترح العلماء معيارًا للفصل بين النوعين ( الهومونيمي و البوليزيمي ) يقوم على حصر مكونات المعنى ، فإذا كان المثالان يملكان ملمحًا دلاليًا مشتركًا بينهما على الأقل مثل كلمة man بمعنى رجل التي تملك الملامح الآتية : (+ إنسان + بالغ + رجل ) وهي بمعناها العام تملك الملمح ( + إنسان ) فهذا يعني أنها من البوليزيمي ) .
أما إذا كان لم يوجد الملمح المشترك تكون من القسم الثاني هو مونيمي .
وهناك أنواع أربعة للمشترك اللفظي يمكن التمايز بينها :
1 ـ وجود معنى مركزي للفظ ، تدور حوله عدة معان فرعية هامشية .
2 ـ تعدد المعنى نتيجة لاستعمال اللفظ في مواقف مختلفة .
3 ـ دلالة الكلمة الواحدة على أكثر من معنى نتيجة لتطور في جانب المعنى .
4 ـ وجود كلمتين يدل كل منهما على معنى ، وقد اتحدت صورة الكلمتين نتيجة تطور في النطق بالنسبة للنوع الأول : فقد عرضه نيدا nida في كتابه ( التحليلات المكونية للمعنى ) حيث ذكر أن المعاني الفرعية أوالها مشية ، تتصل بالمعنى المركزي ، وبعضها ببعض عن طريق وجود عناصر مشتركة معينة وروابط من المكونات الشخصية .
والمعنى المركزي عنده ، هو الذي يتصل بمعنى الكلمة ، إذا وردت منفردة مجردة عن السياق ، وهو الذي يربط عادة المعاني الأخرى الهامشية .
وقد مثل لذلك بكلمة : coat في التغيرات التالية :
1- Bill put his coat.
2-the dog has a thick coat of fur .
3- the house has afresh coat of point .
فمعنى : coat في كل عبارة ، ينتمي إلى مجموعة دلالية خاصة .
ففي :
1 ـ ينتمي إلى مجموعة الملابس : الجاكيت ـ البلوفر ـ السويتر .... إلخ .
2 ـ ينتمي إلى مجموعة : جلد ، ريش ، شعر .
3 ـ ينتمي إلى مجموعة دهان زيتي ـ عادي ... إلخ .
فاتصال كل معنى بمجموعة دلالية خاصة ، دليل على أنها تمثل ثلاث معان دلالية متميزة .
ولكن المعاني الثلاثة تتقاسم في الحقيقة ، عنصرًا مشتركًا هو ( التغطية ) .
المعنى الرئيسي من بين هذه المعاني الثلاثة ، هو المعنى في الجملة الأولى ، فهو المعنى المتصل بالوحدة المعجمية : coat حينما ترد في أقل سياق ، أي مفردة ، وهو أيضًا المعنى الذي يربط المعنيين الآخرين الفرعيين .
وهذه المعاني المختلفة للفظ الواحدكما يرى د . تمام حسان ـ لا تتساوى في شهرة الاستعمال ، وإنما يكون بعضها أشهر من بعض ، فيقر في نفس المتكلم والسامع أن هذا المعنى هو الأصل ، وأن المعاني الأخرى أقل منه ارتباطًا بهذا اللفظ ، وأن المشترك اللفظي ( شأنه شأن الجناس التام ) مدعاة للبس . من أجل ذلك يرجح في نظرنا أن المشترك اللفظي لا يكون بأصل الوضع ، وإنما يعود إلى ظروف الاستعمال ( ) .
والنوع الثاني :
ذكره أولمان وسماه ( تغيرات في الاستعمال أو جوانب متعددة للمعنى الواحد ) ومثل له بكلمة حائط wall ، التي تتنوع دلالاتها بحسب مادتها في التكوين ، كأن تكون حجر ، طوب ... إلخ ، وحسب وظيفتها كأن تكون : حائط منزل ـ بوابة ، أو بحسب خلفية مستعملها واهتماماتها ، كأن يكون : بناء ـ عالم آثار ـ مؤرخ فنون ... إلخ ، وينظر إلى هذه الظلال أو الاستعمالات المختلفة على أنها مظاهر متلاصقة أو متقاربة لكل متحد متلاحم ( ) .
النوع الثالث :
دلالة الكلمة الواحدة على أكثر من معنى ، نتيجة اكتسابها معنى جديدًا أو معاني جديدة ، التي أطلق عليها العلماء : بوليزمي ويطلق عليها أيضًا تعدد المعنى نتيجة تطور في جانب المعنى ، أو كلمة واحدة ـ معنى متعددًا ، ومثل له أولمان بكلمة operation ( ) ، التي تدل على معنى : عملية ، ويختلف مدلولها عند الإنجليز ما بين عملية حربية وعملية تجارية .
النوع الرابع :
وهو تعدد المعنى نتيجة التطور الصوتي ، حيث تتحد كلمتان أو أكثر في كلمة واحدة نتيجة هذا التطور الصوتي ، ويطلق عليه مصطلح هومو نيمي ، ويمثل لها أولمان بكلمة sound ، بأنها عبارة عن أربع كلمات على الأقل ، يعود كل منها إلى أصل مختلف ، ثم حدث تقارب نطقي بينها حتى اتحدت وتماثلت ، فهي تعني صحيح البدن ، وهي كلمة جرمانية قديمة healthy ) أما sound بمعنى صوت فإنها ترجع إلى أصل فرنسي ، وهكذا بقية المعاني ( ).
( نشأة المشترك اللفظي في اللغة العربية )
أرجع العلماء نشأة المشترك اللفظي في العربية إلى مجموعة من العوامل والأسباب وهي:
أولاً: عوامل داخلية
ثانيًا: عوامل خارجية.
وتتمثل العوامل الداخلية في :
1 ـ الاستعمال المجازي : حيث تفيد الكلمة الواحدة معنيين اثنين ، أحدهما على وجه الحقيقة ، فكلمة ( العين ) مثلاً ، التي تفيد الدلالة على عضو الإبصار في الإنسان ، والحيوان ، ولكنها تدل على معان أخرى مثل الجاسوس ، وعين الشمس وغيرها ، وذلك في إطار علاقات المشابهة الاستعارية أو الكنائية .
2 ـ التطور الصوتي: كأن تكون كلمتان، كانتا في الأصل مختلفتي الصورة والمعنى، ثم حدث تطور في بعض أصوات إحداهما، فاتفقت لذلك مع الأخرى في أصواتها، فتصبح الصورة الأخيرة مختلفة المعنى، أي صارت لفظة واحدة مشتركة بين معنيين.
ثانيًا: العوامل الخارجية:
1 ـ اللهجات واختلاف البيئة كثير من المعاني المشتركة نشأت عن طريق اختلاف اللهجات والبيئات ، فابن سراج يوضح ذلك بقوله ( إن الأسماء جعلت لتدل على المعاني ، فحقها أن تختلف كاختلاف المعاني ومحال أن يصطلح أهل اللغة على ما يلبس دون ما يوضح ، وهذا ادعاء من ادعى أنه ليس في لغة العرب لفظتان متفقتان في الحروف إلا لمعنى واحد ، لكنه أغفل أن الحي أو القبيلة ، ربما انفرد القوم منهم بلغة ، ليس سائر العرب عليها ، فيوافق اللفظ في لغة قوم ، وهم يريدون معنى لفظ آخر من لغة آخرين ، وهم يريدون معنى آخر ، ثم ربما اختلطت اللغات ، فاستعمل هؤلاء لغة هؤلاء ، وهؤلاء لغة هؤلاء ، فأصل اللغة قد وضعت على بيان وإخلاص ، لكل معنى لفظ ينفرد به إلا أنه دخل اللبس من حيث لم يقصد ( ) .
2 ـ اقتراض الألفاظ من اللغات الأجنبية :
وقد حدث هذا في اللغة العربية القديمة ، ففيها كلمة السُكْر : نقيض الصحو ، وفيها أيضًا أن كل شق سُد ، فقد سكر : سدَّ الشق ، والمعنى الأول : عربي أما الثاني : فهو معرب من الآرامية sakar ، وقد فطن لهذا شهاب الدين الخفاجي ، حين قال لا يضر المعرب كونه موافقًا للفظ عربي : كسكر فإنه معرب ، وإن كان عربي المادة بمعنى : أغلق ، قال تعالى : سُكِّرتْ أبصارنا ( ) .
هذا هو تعريف المشترك اللفظي من خلال علم الدلالة وعلمائه ، وكذلك أهم القضايا التي تمس هذه الظاهرة اللغوية المهمة ، ولكن كيف ندرس معنى كلمة نفس بما لديها من دلالات مختلفة في إطار نظرية ظاهرة المشترك اللفظي ، فهي لفظ واحد له معان متعددة ويمكننا ذلك من خلال :
1 ـ حصر المعاني التي ذكرها كل من ابن منظور الزًّبيدي لهذه الكلمة .
2 ـ حصر المعاني التي ذكرها أصحاب كتب المشترك اللفظي لهذه الكلمة في القرآن لبيان معانيها فيه .
3 ـ البحث عن الطريقة التي تحولت بها هذه الكلمة من هذا المعنى إلى غيره في إطار دراستنا لظاهرة المشترك اللفظي ، ثم بيان أهم هذه الطرق وأكثرها تأثيرًا .
4 ـ بيان المعنى الأصلي للكلمة ، ما تولد عنه من معان أخرى ، وكيف سار هذا التوليد ؟
5 ـ بيان المعنى العام لكلمة نفس في القرآن من خلال كتب المشترك اللفظي وغريب القرآن ومعاجم ألفاظ القرآن .
أولاً : معاني كلمة ( نفس ) عامة في المعاجم :
نلخص ما ذكرناه قبل ذلك من خلال معجم لسان العرب ، وتاج العروس فقط .
1 ـ النفس بمعنى الجسد ( في التاج ) وهو مجاز .
2 ـ النفس والروح ( اللسان والتاج ) .
3 ـ النفس ذات الشيء ( اللسان ) .
4 ـ النفس = الدم ( اللسان والتاج ) .
5 ـ النفس = الأخ ( اللسان والتاج ) .
6 ـ النفس = الغيب ( اللسان والتاج ) .
7 ـ النفس = نفسين ( التي تأمر بالخير والتي تنهى ) ( اللسان ) .
8 ـ النفس = الحاسد ( اللسان والتاج ) .
9 ـ النفس = العظمة ( اللسان والتاج ) .
10 ـ النفس = الفرج ( اللسان والتاج ) .
11 ـ النفس = قدر دبغة ( اللسان والتاج ) .
12 ـ النفس = العقوبة .
13 ـ النفس = السعة ( التاج) وتشمل :
أ ـ نفس من أمرك = سعة من أمرك . ب ـ في الماء نفس = سعة .
ج ـ بين الفريقين نفس = سعة . د ـ النفس = فسحة وسعة في الأمر .
هـ ـ النفس أي الجرعة من الماء وسعة منه . و ـ النفس = الطويل من الكلام .
ز ـ النفس = ريح من الرحمن لتفريج الكرب . ح ـ النفيس = المال الكثير المتسع .
ى ـ الصبح تنفس = امتد ليصبح نهارًا . ك ـ دار أنفس = أوسع وأرحب .
ل ـ ثوب أنفس = أوسع وأطول وأعرض . م ـ هذا المكان أنفس = أوسع وأبعد .
و ـ تنفس في الكلام = أطال . ن ـ تنفستْ دجله = زاد ماؤها .س ـ زدني نفسا في أجلي = طولاً في العمر . ع ـ تنفس النهار = انتصف .
ف ـ تنفس العمر = طال وامتد . ص ـ غائط متنفس = بعيد .
ق ـ تنفس الرجل = أخرج من تحته ريحًا . ر ـ نفس الساعة = آخر الزمان .
ش ـ جادت عينه عبرة أنفاسًا = أي ساعة بعد ساعة ت ـ تنفس القوس = إذا حط وتره .
13 ـ النفس الإنسان جميعه ( نفسه وروحه ) فالأولى تكون بها الإدراك والعقل والثانية التي تزول بزوالها الحياة .
14 ـ التنافس = المباراة . ( التاج ) .
15 ـ النفيس = الذي يضن به لأنه غال ( التاج ) وهذا أنفس مالي : أي أغلاه وأحبُّه إليَّ .
16 ـ النافس = المرغوب فيه والمحبوب ( التاج ) .
17 ـ نّفَّسني = رَغَّبني فيه ( التاج ) .
هذه أهم المعاني التي وردت في هذين المعجمين حول معاني كلمة نفس ، ومن استقراء هذه المعاني واتباعًا لنظرة المحدثين إلى هذه المعاني في باب المشترك اللفظي نجد رأي نيدا Nida الذي يرى أن هناك معنى مركزي ، ومعاني هامشية وهذا المعنى المركزي أو الأساسي يظل موجودًا في كل المعاني الهامشية الثانوية .
ومن خلال هذا الرأي وتلك المعاني يمكننا أن نُعَرِّف النفس بأنها هي ( ذات الشيء ظاهرة أو باطنة ) وهذا هو المعنى المركزي والأساسي لهذه الكلمة ، ثم تأتي بعد ذلك باقي المعاني التي ذكرتها المعاجم المختلفة ، تحوي جزءًا من هذا المعنى المركزي ، إلى جانب معانيها الهامشية .
ونستطيع أن نتتبع هذا المعنى المركزي في هذه المعاني الهامشية ، فكما قال نيدا Nida إن المعاني الفرعية أو الهامشية ، تتصل بالمعنى المركزي ، وبعضها ببعض عن طريق وجود عناصر مشتركة معينة وروابط من المكونات الشخصية .
والمعنى المركزي عنده هو الذي يتصل بمعنى الكلمة إذا وردت منفردة مجردة عن السياق ، وهو الذي يربط عادة المعاني الأخرى الهامشية ( ) . ونعرض الآن لها موضحين الرابط بينهما :
1 ـ النفس = الروح ( وهي نفس الشيء وذاته ولكنها الباطنة وليست الظاهرة ، فالأولى مركزية ، والثانية هامشية .
2 ـ النفس = ذات الشيء ( وهو المعنى المركزي الذي نشأت وتشعبت منه باقي المعاني ).
3 ـ النفس = الدم ( ذات الشيء الباطنة والعلاقة بين المعنيين المركزي والهامشي أنه سبب لحياته ) .
4 ـ النفس = الغيب ( الشيء الخفي ) والرابط بين المعنيين هو الاشتراك في الاختفاء في النفس الباطنة والغيب بطان أيضًا .
5 ـ النفس = الأخ ( هو أقرب الأشخاص إلى نفس الإنسان ، فكأنه هو ، فهو ذاته الظاهرة والباطنة ) .
6 ـ النفس = نفسين إحداهما تأمر بالمعروف والأخري تنهى عن المنكر ، هذه من الصفات التي يقصد بها ذات الشيء أو النفس ، فلا تعدد هنا للمعنى إنما للصفات .
7 ـ النفس = الحاسد ( لأنه له قوى غيبية ، وهنا يتفق مع النفس من حيث الجانب الغيبي الباطني ، فكلاهما غيبي .
8 ـ النفس = العظمة والعزة ( لأن كل منهما ذات الشيء ، ونفسه ولذلك تكون عند صاحبها عظيمة عزيزة ، فهي ذات النفس وهنا صفات للنفس وكلاهما باطن لا يُرى بالعين.
9 ـ النفس = تفريج الكرب ( كلاهما نفع للإنسان ، فالأولى لازمة لحياته ، والثانية لازمة أيضًا لرغد حياته ، ومنها جاء النفس الهواء الداخل للجوف لأنه مهم للحياة ، وسميت الريح نفسًا لهذا السبب .
10 ـ النفس = العقوبة ( وهو مثل النفس بمعنى العزة أي ذات الله الذي يملك العقوبة ، وهي من صفاته عز وجل ، كما أن العزة تشير إلى صفة من صفات الذات نفسها ، فإن العقوبة تشير إلى صفة من صفات النفس .
11 ـ النفس = السعة ( لأن النفس هي ذات الشخص وهي تتطلب الحياة ، وكل ما ييسر الحياة كالسعة في كل شيء ، فالأول معنى مركزي ( أي ذات الشخص والثاني معنى هامشي وهي متطلبات النفس ) . وهي ميسرات الحياة من سعة العيش ، وامتدت لتشمل كل شيء فيه سعة ( دار ـ كلام ـ ثوب ... ) .
12 ـ النفس = الإنسان جميعه نفسه وروحه ( وهنا معنى مركزي للنفس = ذات الإنسان يقابل معنى مركزيا ، وليس معنى هامشيا ، فهو يقابل الإنسان جميعه الظاهر والباطن أي بدنه وروحه ، وكلاهما يكمل الآخر ، وكذلك النفس بمعنى العقل والإدراك والتي تنام ، والثانية : التي بها الحياة وبدونها يموت .
13 ـ معاني أخرى للنفس : وكلها هامشية ، ولكن ما زال المعنى الأصلي فيه ( أي بمعنى ذات الشيء ) فالنفس هنا تعني :
أ ـ قدر دبغة : تسمى نفسًا وهي ملء الكف بهذا الشيء الذي يدبغ به ، ويقصد به هنا مقدار أخذ نفس الهواء .
ب ـ التنافس : المباراة ، لأن كلا منهما حريص على ما فيه مصلحة حياته فسميت المباراة منافسة لهذا السبب .
ج ـ النفيس : الذي يُضن به كما يُضن الإنسان بنفسه وحياته ، ولهذا فهو أيضًا الغالي الثمين .
د ـ النافس ، نفّسني : المرغوب فيه والمحبوب ، ورغبني فيه ، لأنه كالنفس التي يحبها الإنسان ويرغب في إبقائها حية ، فلهذا كان غاليًا مرغوبًا فيه ، فسمي نافس ونفسني فيه .
ثانيا ( معاني النفس في كتب المشترك اللفظي )
في هذه الكتب نرى المعاني التي تدور حولها كلمة نفس في القرآن الكريم دون غيرها ، لأن ما سبق وهو معاني النفس في المعاجم يشمل كل معنى للنفس استخدمه الناس ونطقوا به ، أما ما في القرآن من معان للنفس ، فيشمل فقط ما ورد في آياته العظام من معان للنفس ، وهذا الفصل يمهد لنا في النهاية إطلاق تعريف جامع مانع لمعاني النفس في القرآن،وذلك بعد أن نضيف إلى ما في الكتب المشترك اللفظي ما في كتب المعاجم الخاصة بألفاظ القرآن الكريم وكتب غريب القرآن .
كتب المشترك اللفظي :
وعندنا في هذا البحث كتابان هما : الوجوه والنظائر للدامغاني ، والأشباه والنظائر للبلخي ، والثاني أقدم من الأول ، وجاءت المعاني عنده ( أي البلخي ) تشمل ستة وجوه ، هي :
أ – بمعنى القلوب د – بمعنى أهل دينكم
ب – بمعنى الإنسان هـ - بمعنى روح الإنسان
جـ - بمعنى منكم و – بمعنى قتل بعضكم بعضا
ويذكر الدامغاني له عشرة أوجه وهي بمعنى :
أ- القلوب و- أهل دينكم
ب- منكم ز- أن يقتل الإنسان نفسه
ج – الإنسان ح – العقوبة
د – يقتل بعضكم بعضا ط – الأم
هـ – الأرواح ي – الغيب
والمقابلة بين المصدرين توضح أن المعاني فيهما متطابقة ، ولكن مع زيادة في الثاني عن الأول لأنه متأخر عنه . المهم في هذا أن كل أو أغلب المعاني متطابقة ، وتدور حول ما ورد في القرآن فقط ، ولهذا هما يستشهدان بآيات من القرآن , ولكنَّ كل هذه المعاني التي ذُكرتْ في الكتابين تدور حول الإنسان، ولهذا يمكن أن نقول : إن معاني النفس في القرآن الكريم تدور حول معنى واحد هو الإنسان بذاته الظاهرة والباطنة ، وما يتصل بها من أمور ، فهو يخاطبها بلفظ المفرد والجمع ، نقصد ظاهرها البدني وباطنها الروحي ، وتصدر الأحكام عليه تحت اسم ( نفسه ) أي ذاته، وتبشره وتحذره في إطار هذا المعنى أنها تخاطب نفس الإنسان أي ذاته ، ومن هذا المنطلق والمحور الذي ارتكزنا عليه يمكننا إعادة النظر للمعاني التي ذكرها الرجلان في ضوء الآيات التي استشهدا بها كما يلي :
أ - النفس بمعنى القلوب ؛ وهو معنى ذُكر عند الرجلين
الآيات التي استشهدا بها : وما تهوى الأنفس النجم الآية 3
(وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) يوسف الآية 53
( ونعلم ما توسوس به نفسه ) ق 16 ، ( ربكم أعلم بما في نفوسكم ) الإسراء الآية 25.
وهي الآيات نفسها عند الرجلين ، وهي جميعا تشير إلى ذات الإنسان الباطنة ، ولذلك اعتبراها بمعنى القلوب رغم أن المقصود بها نفس الإنسان الباطنة ، ولهذا فإن معنى النفس هنا لا يخرج عن معنى ذات الإنسان الباطنة .
ب – أنفسكم بمعنى منكم
الآيات التي استشهدا بها هي : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) التوبة الآية 128 نفسها عند الرجلين والمعنى لا يخرج عن المعنى المركزي الذي ذكرناه من قبل ، أي بمعنى ذات الإنسان أي نفسه ، وهنا يقصد النفس الظاهرة ، فأوضح ذلك البلخي بقوله يعني من جنسكم أي جماعتكم .
جـ - النفس بمعنى الإنسان : والآيات هي ) النفس بالنفس ) المائدة 45 ( من قتل نفسا بغير نفس ) المائدة 32  يعني إنسان بإنسان ، والثانية يعني إنساناً بغير إنسان . ويقصد بها في الموضعين ذات الإنسان الظاهرة وهي جسده أي بدنه ، والمعنى والآيات عند الرجلين واحد .
د – أنفسكم يعني بعضكم بعضًا :
الآيات ( تقتلون أنفسكم ) البقره 85 ، ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) البقره 85 أي يقتل بعضكم بعضا ، ( فاقتلوا أنفسكم ) النساء الآية 66 ،وهي جميعا بمعنى ذات الإنسان الظاهرة أي جسده . والمعنى عند الرجلين واحد .
هـ - الأنفس بمعنى الأرواح : في الأنعام / 93 ( والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ) يعني أرواحكم ، وفي الزمر / ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) يقبض الأرواح ، وهو عندهما واحد ، أي الرجلين ، وهي تعني ذات الإنسان الباطنة .
و – أنفسكم بمعنى أهل دينكم : والآيات الواردة عندهما ( فسلموا على أنفسكم) ( النور /61 )، ( ولا تقتلوا أنفسكم) النساء / 29 ، أي أهل دينكم ، فلا يقتل بعضكم بعضا على بعض أهل دينكم ، والمقصود به ذات الإنسان أي نفسه الظاهرة وهذا المعنى عند الدامغاني فقط .
ز – أنفسكم يعني نفسه : والنساء 66 ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) يعني أن يقتل الرجل نفسه ، والمقصود به ذات الإنسان الظاهرة والمعنى عند الرجلين واحد .
حـ – النفس يعني العقوبة : في آل عمران / 30 ( ويحذركم الله نفسه) أي عقوبته ، وهذا المعنى عند الدامغاني فقط ، والعقوبة ليست المقصودة – كما يرى الدامغاني – إنما المقصود بها ذات الله تعالى ، أي نفسه بما لديه من عذاب وعقاب أليم ، وهو الأقرب في إطار المعنى المركزي للكلمة .
ط – النفس يعني الأم : في النور / 12 (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً) يعني بأمهاتهم ، والمقصود به ذات الإنسان ، أي ذات الأمهات ، وما زلنا مع المعنى المركزي للكلمة ، فأم الإنسان أصله وذاته التي أتى منها ، وهنا معنى باطني مجازي للنفس وليس على وجه الحقيقة.
ي – النفس بمعنى الغيب : في المائدة / 116 ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) أي تعلم غيبي ولا أعلم ما في غيبك( ) ، هذا كلام الدامغاني ، ولكن المقصود بمعنى النفس هنا ذات الله الباطنة ، وذات عيسى الباطنة ، أي نفسهما الباطنة . ومن هذا العرض للآيات التي ذكرها الرجلان ، والبحث عن المعنى المركزي ، والهامشي فيها ، وما أشار إليه الرجلان من معان حول هذه الكلمة كمشترك لفظي لا يخرج عما قلناه، وهو الحديث عن النفس الإنسانية الظاهرة والباطنة .
ثالثا في كتب ( غريب القرآن ومعاجم ألفاظ القرآن )
وبين يديِّ كتابان هما : 1- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني
2- معجم ألفاظ القرآن الكريم إعداد / محمد علي النجار
ونحاول من خلال هذين الكتابين أن نتعرف على معنى النفس عندهما مما استنتجاه واستخرجاه من آيات الكتاب العزيز .
1- المفردات :
ذكر الراغب عدة معان للنفس منها ما ورد في القرآن ومنها ما لم يرد، بل أشار إليه استكمالا للمعنى الذي يشرحه المؤلف ، فذكر أنها بمعنى الروح والذات . ثم ذكر الآيات التي ذكرها من قبله البلخي والدامغاني .
والنفس بمعنى الريح ، وهو معنى غير موجود في القرآن ، ولكن في الحديث، وفي المعاجم ( ) . وقد تعرضنا له من قبل ، فهي الريح الداخل والخارج من البدن ، والفرج ، وتنفست الريح : إذا هبتْ طيبة . والنفس : والنفاس : ولادة المرأة ، وتنفس النهار أي توسعه وهو من قوله (والصبح إذا تنفس ) ونفست بكذا : أي ضنت نفسي به . هذه أهم المعاني التي ذكرها الراغب الأصفهاني وهي ( بالنظر إلى المقصود منها في كتابه وهو غريب القرآن ) تعني ذات الإنسان وروحه ولا جديد على ما قاله من قبله .
2- معجم ألفاظ القرآن الكريم
نجد الرجل يعرض لمعنى النفس في المعاجم بمعانيها العامة والخاصة ، ثم يعود ليذكر هذا اللفظ في آيات القرآن ، ثم يذكر المعاني التي تأتي بها كلمة نفس فهي عنده :
أ-ذات الشيء وحقيقته. ب- الروح التي بها الحياة .
جـ- القلب والضمير ويكون في السر والخفاء . د- الإنسان نفسه التي تأمره بالخير والشر ( نحو سولت لي نفسي ) . هـ- نفس الإنسان التي بها التمييز وتفارقه عند النوم . و- جملة الإنسان ( لا تجزي نفس عن نفس شيئا ) . ز- نفس آدم ( خلقكم من نفس واحدة ) . حـ- في نفس الإنسان مما يدعوه إلى الخير والشر (اللوامة – الأمارة ). ي- ضمير الإنسان وقلبه ( إلا حاجة في نفس يعقوب ) . ك- ذات الإنسان ( وإذ قتلتم نفسا ) . ل- الغلام في قصة أهل الكهف ( أقتلت نفسا زكية ) . م- القبطي الذي قتله موسى ( وقتلت نفسا ) . و- العين ( لا تكلف إلا نفسك ) . ن- القلب وما يخفي فيه السر ( تعلم ما في نفسي ) أي قلبي .
ثم يستمر في عرض الآيات التي ذكرت فيها كلمة نفس مستعرضا المعاني المختلفة للنفس في كل آية ، ولكن هذه المعاني في مجملها لا تخرج عن معنى واحد هو نفس الإنسان الظاهرة والباطنة .
إن القرآن الكريم خاطب الإنسان بلفظة النفس لتشمل كل ما خلق الله من الناس ، ومن خلال هذا الشيء الذي لا يفنى ( النفس ) وإن مات الجسد الذي يحويه ، فهو المكلف من قِبَل الله بالأوامر والنواهي ، وله المكافأة على عمله بالجنة أو النار ، ولهذا كان الأسلوب القرآني قائما على هذا الأساس ، وهو مخاطبة النفس ولا شيء سواها ، ومجموع آيات القرآن الكريم المخاطبة للإنسان تشمل الأحكام والأوامر والنواهي والجزاء والعقاب وكلها كانت تستخدم هذه اللفظة ( النفس ) ولذلك لا يخرج المعنى المقصود منها إلا إلى الإنسان بذاته الظاهرة والباطنة ، ويجب ألاَّ ينظر إلى هذه اللفظة في القرآن إلا في هذا المعنى فقط .
كيف تولدت المعاني الأخرى للنفس في القرآن الكريم والتي ذكرها هؤلاء اللغويون ؟
إن كل عالم من هؤلاء نظر إلى هذه الكلمة من خلال السياق الذي وردت فيه ، فكل سياق جديد يُلبس الكلمة معناها الجديد ، ولكن إلى جانب هذا فإن المعنى الأصلي مازال يصحبنا عبر هذه المعاني الجديدة .
والأكثر من ذلك ما رأيناه عند علماء المشترك اللفظي أن الكلمة تدور في إطار معنى واحد هو نفس الإنسان ، ويقصد بها ذاته الظاهرة أو الباطنة وكل تنوع يدور حول ذلك ، فلو رسمنا شكلا تشجيرياً لهذه الكلمة في حدود ما ذكره هؤلاء العلماء ( علماء المشترك اللفظي ) فقط من المعاني لكلمة نفس لأصبح كالآتي :
المقصود بالنفس في القرآن الكريم

ذات الإنسان الظاهرة أو الباطنة




معني ظاهري معنى باطني




1- منكم من جنسكم 2-الإنسان 3- أهل دينكم 4- أم-
( رسول منكم ) ( النفس بالنفس ) (فسلموا على أنفسكم)( ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم)
(اقتلوا أنفسكم)


5ـ الغيب (تعلم مافي نفسي) 6ـ بعضكم (اقتلوا أنفسكم )


1
7ـ قلوب 8ـ الأرواح 9 ـ العقوبة 10 ـ نفسه
( وما تهوى الأنفس ) ( أخرجوا أنفسكم ) ( يحذركم الله نفسه ) (تعلم ما في نفسي)

ومن خلال هذا الرسم نخرج بتلك الملاحظات :
1- هذا التقسيم مطابق للتقسيم الذي ذكرناه في أول البحث ، والذي يقسم المعاني إلى قسمين كبيرين هما المعنى المادي والمعنوي , وهو هنا المعنى الظاهري للنفس والباطني ، وكل قسم من الأقسام التابعة لا يخرج عن أن يكون تابعة لأحد القسمين الباطني أو الظاهري ، حيث المقصود بهذه الأقسام جميعا نفس الإنسان وذاته .
2- نلاحظ تكرار بعض الأقسام ، وهذا يبدو واضحًا من الآيات التي يستشهدا بها نحو ما نجده في القسم السادس والتاسع والعاشر . والمقصود به نفس الإنسان أو جماعته .
3- هذا التقسيم الشجري يوضح أن المحدد الدلالي لهذه الكلمة جعلها تدور حول الشيء نفسه وهو ذات الإنسان ( ظاهر- باطن ) يجعلنا نقول مع من قالوا بعدم وجود مشترك لفظي كما يقول د . حسام البهنساوي ( المشترك اللفظي لا وجود له في واقع الأمر إلا في معجم لغة من اللغات ، أما في نصوص هذه اللغة واستعمالاتها ، فلا وجود إلا لمعنى واحد من معاني المشترك اللفظي . ( )
(( حقيقة المشترك اللفظي في اللغة والقرآن ))
يقول استفن أولمان (Ullmann ) ( كثير من كلماتنا له أكثر من معنى ، غير أن المألوف هو استعمال معنى واحد فقط ، من هذه المعاني في السياق المعين ، فالفعل أدرك مثلا ، إذا انتزع من مكانه في النطق ، يصبح غامضا غير محدد المعنى ، هل معناه : لحق به ، أو عاصره أو أنه يعني : رأى أو بلغ الحلم ؟ إنه التركيب الحقيقي المنطوق بالفعل ، هو وحده الذي يمكن أن يجيب عن هذا السؤال ، فإذا تصادف أن اتفقت كلمتان أو أكثر في أصواتهما اتفاقا تماما ، فإن مثل هذه الكلمات ، لا يكون لها معنى ألبتة دون السياق الذي يقع فيه ) . ( )
ويقول فندريس ( إننا نقول لإحدى الكلمات أكثر من معنى واحد homonymie في وقت نكون ضحايا الانخداع إلى حد ما ، إذ لا يطفو في الشعور من المعاني المختلفة التي تدل عليها إحدى الكلمات إلا المعنى الذي يعنيه سياق النص ، أما المعاني الأخرى فتمحى وتتبدد ولا توجد إطلاقا فنحن في الحقيقة نستعمل ثلاثة أفعال مختلفة عندما نقول : الخياط يقص الثوب ، أو الخبر الذي يقصه الغلام صحيح ، أو البدوي خير من يقص الأثر ، فإننا نستعمل في الواقع ثلاث كلمات لا يربط بعضها ببعض أي رباط ، لا في ذهن المتكلم ولا في ذهن السامع ) . ( )
إن ما ذكره العالمان الكبيران يشير إلى أن المعنى يكون أسيرا للسياق الذي ترد فيه الكلمة . ولكن حقيقة المشترك اللفظي أكبر من ذلك ، فكما نفهم من كلام فندريس أن الإنسان يحمل في عقله ثلاثة معان للكلمة ( قص ) مثلا ، ولكن إذا تكلم يتخير من بينهم المعنى المقصود ( قطع أو حكى أو تتبع الأثر ) كما في البنية العميقة له ، والتي ظهرت على السطح أو في البنية السطحية ، وقام السياق بدور المحدد الدلالي للمقصود بالكلمة ، وهذا يعني أن المعاني أكثر من الألفاظ ، ولهذا فاللغة تستعين بوسائل أخرى ( لغوية أيضا ) لسد هذه الفجوة بين كثرة المعاني وقلة الألفاظ ، ومن بين هذه الوسائل السياق الذي يقيد اللفظ بمعنى واحد هو المقصود من الكلام ، ولولا مثل هذه الوسائل ( السياق مثلا ) لفشلت اللغة في تحقيق الغاية منها ، وهي التواصل بين أفراد المجتمع ، وهذا يجعلنا نسأل لماذا كانت آيات القرآن الكريم تدور حول معنى واحد للفظ ( النفس ) وهو كما ذكرنا آنفا ذات الإنسان الظاهرة أو الباطنة ؟ رغم وجود احتمالات أخرى للمعنى كما في المعاجم ؟ .
إن الإجابة على هذا السؤال في كلمة واحدة ، وهي أن القرآن دستور الأمة بل هو دستور البشر جميعا ، فكيف بمن يُصدر الأحكام والقواعد والقوانين لكل البشر أن تكون فيه كلمة جوهرية مثل ( النفس) تحتمل أكثر من احتمال ؟ هذا لا يجوز لأن هذا سيؤدي إلى فقدان الغاية منه وفقدان الغاية من اللغة أصلا،
وهو التواصل بين الناس ، فيتكلم الإنسان فلا يُفهم من كلامه هل المعنى الأول أو الثاني أو الثالث هو المقصود ؟ولهذا كان النص القرآني صريحاً واضحاً في مقصده بكلمة نفس ، وهو ( معنى ذات الإنسان الظاهرة أو الباطنة ) دون غيرها من معاني النفس .
الفصل الرابع : نظرية الحقول الدلالية

لقد أوصلتنا النظريات السابقة إلى أن المعاني التي تولدت من معنى نفس نشأت من معنى ذات الشيء الظاهرة أو الباطنة ، ولكن لو نظرنا إلى هذه الكلمة من خلال نظرية دلالية أخرى لاتضحت الصورة أكثر ، وتلك النظرية هي نظرية الحقول الدلالية .
أولا : مفهوم نظرية الحقول الدلالية .
الحقل الدلالي أو المعجمي : هو مجموعة من الكلمات التي ترتبط دلالتها ، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها مثل كلمات الألوان في اللغة العربية ، فهي تقع تحت المصطلح العام : لون وتضم ألفاظا مثل : أحمر – أصفر – أبيض .( )
ويعرفه أولمان ( بأنه قطاع من المادة اللغوية ، ويعبر عن مجال معين من الخبرة ) ويعرفه جون ليونز (بأنه مجموعة جزئية لمفردات اللغة ، ولا بد من دراسة العلاقة بين المفردات داخل الحقل ، أو الموضوع الفرع ، ولهذا عرف الكلمة بأنها عبارة عن محصلة الكلمات الأخرى داخل الحقل المعجمي )( ) ولهذا فلكي نفهم معنى كلمة يجب أن نفهم كذلك مجموعة الكلمات المتصلة بها دلاليا .
وتهدف هذه النظرية إلى جمع الكلمات التي تخص حقلا معينا ، والكشف عن صلاتها الواحد منها بالآخر ، وصلاتها بالمصطلح العام ، وفي هذا الإطار يجب ملاحظة هذه المجموعة من الأسس عند تطبيق هذه النظرية وهي :
1- لا وحدة معجمية عضو في أكثر من حقل . 2- لا وحدة معجمية لا تنتمي إلى حقل معين . 3- لا يصح إغفال السياق الذي ترد فيه الكلمة . 4- استحالة دراسة المفردات مستقلة عن تركيبها النحوي .
وقد توسع مفهوم هذه النظرية ليشمل الأنواع الآتية :
1- الكلمات المترادفة ، والكلمات المتضادة . 2- الأوزان الاشتقاقية . 3- أجزاء الكلام وتصنيفاته النحوية . 4- الحقول السنتجماتية وتشمل مجموعة الكلمات التي ترتبط عن طريق الاستعمال ، ولكنها لا تقع أبدا في الموقع النحوي نفسه .
كما قسموا العلاقات بين كلمات الحقل السنتجماتي إلى نوعين :
أ- الاشتراك ( الوقوع المشترك ) . ب- التنافر .
ولقد قسم هؤلاء العلماء أصحاب نظرية الحقول الدلالية الكلمات الموجودة في أي لغة، وكان أشمل هذه التصنيفات التي قدمت حتى الآن التصنيف الذي اقترحه معجم Greek New Testment , ويقوم على الأقسام الأربعة الرئيسية : وهي1- الموجودات 2- الأحداث 3- المجردات 4- العلاقات
إن جميع اللغات فيما يبدو تشترك في تقسيم مجالاتها التصويرية إلى حقول مثل : الحركة - الزمن - الإدراك - الملكية - التعيين ... إلخ ولهذا يجب أن تتضمن النظرية الدلالية من بين أولياتها التصويرية، سمات تخصص هذه الحقول ، فيكون كل حقل قائما على سمات ، ومجموعة من قواعد الاستنتاج ( )
وتقسم الكلمات داخل الحقل الواحد إلى قسمين :
وحيث إن الكلمات داخل الحقل الواحد ليست في وضع متساوٍ ، ومن ثم جاء تقسيم الكلمات داخل الحقل الواحد إلى كلمات أساسية وكلمات هامشية . ووضع ( كاي وبيرلن ) معايير للتمييز بينهما على النحو التالي :
1- الكلمة الأساسية : تكون ذات وحدة معجمية واحدة ، ولا يتقيد مجال استعمالها بنوع محدود أو ضيق من الأشياء ، وهي تكون ذات تميز وبروز بالنسبة لغيرها في استعمال أية لغة ، ويمكن التنبؤ بمعناها من معنى أجزائها . ومعنى الكلمة الأساسية ، التي لا يكون متضمنا في كلمة أخرى ما عدا الكلمة الرئيسية التي تعطي مجموعة من المفردات ، مثال الكلمة الأساسية : زجاجة ، كوب تتضمنها كلمة أخرى سوى الكلمة الرئيسية : وعاء . ومثال الكلمة الهامشية التي تشير إلى نوع من اللون الأحمر .الكلمات الأجنبية الحديثة الاقتراض في الأغلب ، لا تكون أساسية ، والكلمات المشكوك فيها ، تعامل في التوزيع معاملة الكلمات الأساسية .( )
العلاقات داخل الحقل المعجمي
إن معنى الكلمة هو محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى في نفس الحقل المعجمي فمكان الكلمة في نظام من العلاقات التي تربطها بكلمات أخرى في المادة اللغوية .
وتشمل العلاقات داخل نظرية الحقول الدلالية هذه الأنواع : 1 1- الترادف 2- الاشتمال أو التضمن
3-علاقة الجزء بالكل 4 4 - التضاد 5- التنافر
المشرف العام
المشرف العام
Admin

عدد المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 13/06/2010

http://almadawe.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موضوعك الأول Empty لفظة نفس في القرآن الكريم - دراسة دلالية معجمية - أ.د.عطية سليمان أحمد باقى البحث والخاتمة

مُساهمة  المشرف العام الأحد 13 يونيو 2010 - 14:53

ولا تخرج هذه العلاقات داخل أي حقل دلالي عن هذه العلاقات ، وليست الحقول الدلالية سواء في احتوائها لهذه العلاقات . فبعضها تحوي كثيرا منها وبعضها لا تحويها .
أولا التراد ف :
يتحقق الترادف حينما يوجد تضمن من الجانبين فلكي تكون أ ، ب مترادفين ، فإن أ ينبغي أن تتضمن : ب ، ولا بد لـ ب أن تتضمن : أ ، كما هو الحال في كلمة أم = والدة ، وكلمة أب = والد ونحو ذلك . ( )
ثانيا علاقة الاشتمال :
تعتبر هذه العلاقة من أهم العلاقات في علم الدلالة التركيبي ، فهو يعد تضمنا ، ولكن من طرف واحد ، حيث يكون مثلا : أ مشتملا على ب ، حيث يكون : ب أعلى في التقسيم التصنيفي أو التصريفي ، مثل كلمة فرس ، الذي ينتمي إلى فصيلة أعلى ، وهي فصيلة : حيوان ، ومن ثم فإن كلمة فرس يتضمن معناها معنى كلمة حيوان .
ثالثا : علاقة الجزء بالكل :
نحو العلاقة بين اليد والجسم , والعجلة بالسيارة ، والفرق بين هذه العلاقة وعلاقة الاشتمال أو التضمن واضح ، فاليد ليست نوعًا من الجسم ولكنها جزء منه ، بخلاف الإنسان الذي هو نوع من الحيوان، وليس جزءاً منه .
رابعا : علاقة التضاد : وهو على أنواع :
أ - التضاد الحاد : كما في : ( حي وميت) ،و( متزوج وأعزب ) ، و ( ذكر وأنثى ) ب - التضاد المتدرج : كما في : حار- ساخن - دافئ – فاتر – بارد - قارس . جـ - العكس : كما في : ( باع – اشترى ) ، ( زوج – زوجة ) . د - التضاد : الاتجاهي كما في : ( أعلى – أسفل ) ، ( يصل – يغادر ) . هـ - التضاد العمودي : كما في : الشرق – الغرب ، شمال – جنوب .
خامسا : علاقة التنافر :
وهو مرتبط بالنفي كالتضاد ويتحقق داخل الحقل الواحد إذا كان : أ لا يشتمل على : ب و : ب ، لا يشتمل على أ ، أي أن الطرفين لا يشتملان على علاقة تضمن وذلك مثل علاقة : خروف - فرس ، والعلاقة بين كلب - قط ، كما يدخل تحت هذه العلاقة ما يسمى بالرتبة : وذلك مثل الرتب العسكرية مثل ملازم - رائد - مقدم – عقيد - عميد - لواء . كما يدخل تحت هذه العلاقة ما يسمى بالمجموعات الدورية : مثل الشهور والفصول وأيام الأسبوع ( )
ويمكن تطبيق نظرية الحقول الدلالية في دراسة معنى كلمة نفس في اللغة عامة ، لأن المجال فيها أوسع ، ونلاحظ من خلال هذه الدراسة كيف تحولت الكلمة من معنى إلى معنى آخر داخل الحقل الدلالي الواحد ؟ وما نوع العلاقة بين المعنيين ؟ .
معنى النفس في ضوء نظرية الحقول الدلالية " وفي المعاجم فقط "
1- يعرفها ابن منظور بأنها الروح ، ثم ذكر أن ابن سيدة يفرق بينهما ( أي النفس والروح ) فالنفس بمعنى الروح في قولهم ( خرجت نفس فلان ) أي روحه . النفس بمعنى جملة الشيء وحقيقته . وهذا يعني أن النفس في تصورهم تقع في حقلين كبيرين مختلفين هما : الموجودات والمجردات ، وهذا مخالف لأسس هذه النظرية ومبادئها التي ترى أنه لا وحدة معجمية عضو في أكثر من حقل . وهذا يجعلنا نعيد النظر إلى ما يقصده أصحاب المعاجم مما ذكروه عن العرب ، حيث قالوا النفس في كلام العرب تجري على ضربين ( ) وهما الجانب المادي بمعنى جملة الشيء ، والجانب المعنوي وهو الروح .
والحقيقة أنه لا تعارض بين المعنيين ، وأنهما كلاهما من باب الموجودات ، حيث الأصل في وضع اللغة هو الجانب المادي – في أغلب الآراء – فتكون النفس بمعنى جملة الشيء وحقيقته هي الأصل ، والنفس بمعنى الروح هي سر وجود النفس المادي وبدونه لا يتحقق هذا الجانب المادي ، فالروح لا ترى بالعين ، بل يحس تأثيرها في الجسد ، ولهذا سميت الروح نفسا ، فبدونها تفنى النفس ولا تبقى ، فهي مثلها في المنزلة . فالذي له تأثير الروح في الجسد هو موجود مادي ، وإن لم ير بالعين لكن يفهم وجوده بالعقل . ولهذا نعتبر الروح لها وجود مادي ، بل هي شيء مادي فعلا فلا تعارض بينهما .
ولهذا كان تعريف النفس ( هي ذات الشيء الظاهر والباطن ) ولها وجود مادي . فهي من حقل الموجودات ، وليس المجردات وهو المعنى الأول والأساسي والرئيسي لكلمة نفس ، أما النفس بمعنى الروح، فهو يعد من المعاني الأساسية أيضا ، لأنه أساسي في وجود النفس المادي والمعنوي ولهذا فالعلاقة بينهما علاقة ترادف كما أشار علماء المعاجم ، وكما هو في كلام العرب . فالنفس عندهم مرادف الروح( )
2- النفس بمعنى الدم : يقول الزَّبيدي ومن المجاز النفس بمعنى الدم يقال سالت نفسه أي دمه ( ) ، والدم جزء من تكوين الجسد المكون للنفس مع الروح ، ولهذا تعتبر العلاقة بينهما علاقة الجزء بالكل ، فالدم جزء من كل هو النفس وهو من الموجودات .
3- النفس بمعنى الجسد ( هو مجاز ) ، والعلاقة بينهما علاقة ترادف ، حيث النفس كما ورد في كلام العرب هي جملة الشيء ، وحقيقته ، وجملة الإنسان وواقعه المادي يتمثل في جسده ، فيصبح الجسد مرادفا للنفس ، وهو من الموجودات .
4- النفس بمعنى العين : ( وهو مجاز ) من نافس أي عائن ومنفوس ، والعائن يمتلك قوى غيبية هي التي تؤثر على المحسود فتصيبه ، وهذه القوى تشبه قوى النفس الباطنة الغيبية ، والتي تحركه وتعطيه الحياة ، وذهابها هو موته ، فالقوى الحاسدة مما تشتمل عليه النفس الإنسانية ، ولهذا فالعلاقة بينهما علاقة اشتمال ، وهي تعد من المجردات مجازا .
5- النفس بمعنى الغيب : يقول الزَّبيدي ( قال ابن الأنباري : إن النفس هنا الغيب ( ) أي تعلم غيبي، لأن النفس لما كانت غائبة أُوقِعتْ على الغيب ، ويشهد بصحته قوله في آخر الآية ( إنك علام الغيوب ) كأنه قال : تعلم غيبي يا علام الغيوب ) ( ) وهو تأكيد لما قلته آنفا من أن النفس تُعد من القوى الغيبية ، فالعلاقة بين النفس والغيب ، أي القوى الغيبية علاقة اشتمال ، لأن من جوانب النفس كونها غيبا ، ولكن لا يمنع هذا أن يكون لها جانب مادي متمثلا في الجسد وتعد من المجردات مجازاً .
6- النفس بمعنى جملة الشيء وحقيقته : يقال قتل فلان نفسه ، وأهلك نفسه ، أي أوقع الهلاك بذاته كلها وحقيقته... ومنه نزلت بنفس الجبل ، ونفس الجبل مقابلي ، وهي عين الشيء وكنهه وجوهره يُؤكَّد به . يقال جاءني الملكُ نفسه ، ورأيت فلانا نفسه ( ) . هذا هو المعنى الأصلي والرئيسي والأساسي لكلمة نفس ، ولهذا فالعلاقة بينهما علاقة ترادف ، فالنفس هي عين الشيء وحقيقته وكنهه وجملته وكلها من الموجودات .
7- النفس بمعنى الروح : قال ابن الأنباري من اللغويين من سوى بين النفس والروح ، وقال هما شئ واحد وقال غيره : للإنسان نفسان الأولى هي الروح الذي به الحياة ، والنفس التي بها العقل ، فإذا نام قبض الله نفسه ، ولم يقبض روحه إلا عند الموت ( ) .
وهذا الاختلاف يجعلنا نضع النفس التي تدرك مع الروح التي بها الحياة في حقل واحد ، وهو حقل المجردات ونَعُدُّهما مترادفين ، فالذي يجمع بينهما رغم اختلاف عملهما هو التجريد ، فلا يمكن أن نرى النفس التي تدرك ( أي العقل ) ، ولا يمكن أن نرى الروح فكلاهما مجرد ، ولو اعتبرناهما على الرأي الآخر أنهما شئ واحد ( أي على الرأي الذي سوى بينهما ) تصبح النفس مرادفة للروح ، ولكن الزَّبيدي اعتبرهما شيئين مختلفين .
8- النفس بمعنى النَفَس : قال سُميتْ النفس نفسا لتولد النفس منها واتصاله بها ، كما سموا الروح روحًا ، لأن الروح موجود به ( )
وهذا من باب التوسع في المعنى . حيث جعل الهواء الخارج من الرئتين والمتسبب في الحياة مثله مثل الدم فسماهما باسم النفس ، ولهذا فالعلاقة بين النفس والنفس علاقة ( اشتمال وتضمن )حيث يعد هذا الهواء ضمن أساسيات النفس الحية ، ولا يمكن فصله عنها إلا بالموت .
9- النفس قدر دبغة : وهو مما يدبغ به الأَديمُ ، والنفس من الدباغ : ملءُ الكف ، والدبغتان ملء الكف مرتين ، أي أن المقصود هنا المقدار ، وليست المادة الدابغة ، أي هذا المقدار ( ملء الكف ) يقابل النفس الواحد الخارج من الصدر، ولهذا فالعلاقة بينهما علاقة تنافر، فهما لا يلتقيان في المستوى الأدنى ، بل في المستوى الأعلى ، حيث كل منهما يشير إلى مقدار ، ولكن هذا المقدار مختلف فيهما من ملء الكف إلى ملء الصدر بالهواء ، كما في العلاقة بين خروف وفرس ، فكلاهما مختلف عن الآخر ، ولكنهما يلتقيان في مستوى آخر ، وهو أنهما في المستوى الأعلى كلاهما حيوان ( سواء خروف أم فرس ) ، فالعلاقة بين فرس وخروف علاقة تنافر أيضا لهذا السبب .
10- النفس بمعنى ( الجرعة ) يُقال : أكرع في الإناء نفساً أو نفسين ، أي جرعة أو جرعتين ولا تزد عليه ( ) ، هذا المعنى يشبه المعنى السابق في أن كلاهما اتخذ من النفس مقدارًا يقدر به جرعة الماء أو دبغة ، ولهذا فالعلاقة هنا بين النفس والجرعة علاقة تنافر .
11- النفس بمعنى ( العظمة – الكبر – العزة – الأنفة – الإرادة ) هذه المعاني تتعلق بمعنى واحد هو اعتزاز الإنسان بنفسه ، مما يشعره بالعزة والعظمة ، وباقي المعاني ، وهما مما تشتمل عليه النفس الإنسانية ، لفخرها ومجدها ، ولهذا فالعلاقة هنا علاقة ( اشتمال وتضمن ) .
12- النفس : بالتحريك واحد الأنفاس : وهو خروج الريح من الأنف والفم ، ويراد به السعة ، يقال أنت في نفس من أمرك ، أي سعة وهو مجاز ، إن في الماء نفسا لي و لك ، أي متسعاً وفضلاً ، وبين الفريقين نفس أي متسع . والنفس أيضا : الفسحة في الأمر ، يقال : اعمل وأنت في نفس أي فسحة وسعة ، قبل الهرم والأمراض والحوادث ( ) .
هذه المعاني ترتبط بلفظة ( نفس ) من باب واحد هو خروج الهواء من الأنف والفم ، وما يؤدي إلى سعة في حياة الشخص ، ثم أطلقت كلمة نفس على كل سعة ، كسعة في الأمر أو في الماء ، أو أي اتساع كان . وهو تعميم لدلالة اللفظة ( نفس ) لتشمل كل أنواع الاتساع .
والعلاقة بين النفس ( ذات الشيء ظاهرة أو باطنة ) وبين النفس ( أي هواء التنفس ) هي علاقة الجزء بالكل فالتنفس جزء من تكوين النفس وسبب وجودها ، أما العلاقة الثانية , فهي بين التنفس وبين الاتساع فكلاهما يمثل السعة لحياة الإنسان ، ولهذا فالعلاقة هنا علاقة ترادف ، فالسعة في العيش ، أو الماء ، أو الأمر كالسعة بالتنفس التي تعطي الشخص امتدادًا في الحياة .
ثم زاد المعنى واتسع ليشمل كل اتساع كان نحو :
أ- النفس الطويل من الكلام ... وأصله أن المتكلم إذا تنفس استأنف القول وسَهلت عليه الإطالة ، قال أبو زيد : كتبتُ كتابا نفساً أي طويلا ( ) فهو الاتساع في الكلام . ويُقال تنفس في الكلام : أطال .
ب- ومن هذا الباب : أي علاقة النفس بالنَفَس ، والتنفس ، والهواء الداخل للصدر سميت الريح الآتية بالخير وسعة في الرزق بأنها نفس ،وهي من نفس الرحمن ، ومنها تنفيس الكرب أي تفريج الكرب " فالتفريج مصدر حقيقي ، والفرج ، اسم يوضع موضع المصدر ، والمعنى : أنها أي الريح ( تفرج الكرب ) وتنشئ السحاب وتنشر الغيث وتذهب الجدب " ( ) .
فالعلاقة بين الريح والفرج علاقة تنافر ، فالريح لا يلتقي مع فك الكرب وتفريجه إلا أنهما يلتقيان في جانب واحد ، هو صفة السعة حيث الريح تسبب الغيث الذي يوجد الرزق والسعة .
جـ- يُقال شراب ذو نفس : فيه سعة وري ... ويُقال : شراب ( غير ذي نفس ) أي ( كريه ) الطعم ( آجن ) متغير .
د- ودارك أنفس من داري أي أوسع .
هـ- وهذا الثوب أنفس من هذا ، أي أعرض وأطول أمثل .
و- وهذا المكان أنفس من هذا ، أي أبعد وأوسع .
ز- وتنفست دجلة زاد ماؤها .
ح- وزدني نفسا في أجلي ، أي طول الأجل .
ي- تنفس النهار : انتصف وبعد.
ت- تنفس الصبح : طلع وتبلج .
ك- تنفس العمر منه ، إما تراخى وتباعد ، وإما اتسع .
ل- جادت عينه عبرة أنفاسا : أي ساعة بعد ساعة .
م- غائط متنفس : بعيد .
ط- المال النفيس : الكثير الوفير .
كل هذه الألفاظ تحمل معنى واحداً ، وهو الحقل الذي تنتمي إليه ويجمعها جميعا ، وهو حقل الاتساع أي الدلالة على السعة سواء كانت سعة في العمر أي طوله أو في المكان أي بعده وهكذا ، فهي مجموعة في حقل سنتجماتي واحد حيث يدلون جميعا على السعة ، ولكن لا يمكن لأحد هؤلاء الأفراد أن يحل محل الآخر ، فتنفس العمر غير تنفس الكلام ، أو الثوب .
13- النفس ذات الشيء ولهذا فهي يقصد بها هذه المعاني الآتية ، لأنه قريب لذات الشيء أو هو نفسه .
أ- الإنسان جميعه : أي نفسه وذاته .
ب- الأخ : فهو قريب إليه كأنه هو ، ولهذا فالأخ هو النفس .
جـ- الضن : أي يبخل به ، وضن فهو يريد أن يحتفظ به لنفسه .
د- رغبني : نفسني فيه ، أي قربه إلى نفسي .
هـ- أنف أفطس : متنفس أي قريب وداخل في وجه صاحبه .
و- التنافس : حرص لجلب الخير لذاته ، فهو منافس من أجله .
معنى النفس في القرآن الكريم من خلال كتب غريب القرآن
وفي إطار نظرية الحقول الدلالية

كلمة نفس وردت كثيرا في القرآن الكريم ، وقام علماء اللغة والذين تخصصوا في الألفاظ الغريبة في القرآن ومعاجم ألفاظ القرآن بدراسة هذه اللفظة ( النفس ) وقد ذكروا لها معاني كثيرة مستشهدين بآيات من الكتاب الكريم .
والحقل الدلالي الذي تدور حوله معاني هذه اللفظة أنها تعني ذات الشيء الظاهرة والباطنة ، ولهذا فكل الآيات التي استشهدوا بها تدور حول هذا المعنى وتؤكده
أولا من كتاب ( المفردات في غريب القرآن ) :
1- يقول الأصفهاني ( النفس : الروح في قوله تعالى( أخرجوا أنفسكم) الأنعام / 93 وقوله تعالى ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) البقرة / 235 ، وقوله ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) المائدة / 116 وقوله ( ويحذركم الله نفسه) آل عمران / 28 فنفسه ذاته ( ) .
كل هذه الآيات يرى الأصفهاني أنها بمعنى روح ، وهي هنا تعني ذات الشخص ، فهي لا تخرج عن ذلك ، فالحق يخاطب الإنسان ذاته الظاهرة أو الباطنة ، فهي من حقل دلالي واحد ، هو ذات الإنسان
2- يقول الأصفهاني : ( النفس : الريح الداخل والخارج في البدن من الفم والمنخر ، وهو كالغذاء للنفس وبانقطاعه بطلانها ، ويقال للفرج : نفس ، ومنه ما روي : إنِّي لأجد نفسَ ربكم من قِبَل اليمن ... يُقال : اللهم نَفِّسْ عني – أي فَرِّجْ عني ، وتنفس الريح : إذا هبت طيبة ) وهو حقل دلالي يبدو جديدًا ، ولكنه من نفس الحقل الأساسي وقد ارتبط المعنى الجديد بالقديم عن طريق علاقة ، هي بقاء الحياة بنفس الهواء أي الريح ، وهي علاقة الكل بالجزء ، فالنفس جزء من حياة الإنسان ، وبقاء ذاته ، فاعْتُبِر جزءاً أساسياً من النفس ، بل سمي هذا الهواء نفسا ، وكذلك الريح عامة سُميتْ بسبب التفريج عن الناس باسم النفس . وهنا نجد اختلافا عن الحالة السابقة بأن استشهد الأصفهاني بأحاديث الرسول الكريم ، ولم يستشهد بآيات القرآن كما في الحالة الأولى، لأنه لم يرد في القرآن آية بها حديث أو خطاب للنفس إلا وكانت في إطار المعنى الأول ، وهو الخطاب المباشر إلى الإنسان في ذاته ( ظاهرة أو باطنة ) ، أما المعاني الأخرى للنفس فتلمسها في الحديث الشريف ، أو في أقوال العرب ( شعراً ونثراً ) .
3- يقول الأصفهاني ( والنفاس ولادة المرأة ) نقول : هي نفساء وجمعها نفاس )( ) وهنا نراه يستشهد بأقوال ليست من الحديث أو القرآن ليشير إلى هذا المعنى الجديد للنفس ، وهو قد أتى من أن كلمة نفس تطلق على الدم ، والدم كالهواء يرتبط بالنفس لأنها سبب لحياة النفس ، فسمى كل من الدم والهواء الخارج والداخل في فم الإنسان نفسا ، فالعلاقة هنا علاقة الكل بالجزء ، ولهذا سميت المرأة التي ينزل عليها الدم نُفساء ، وهو جزء من ذات المرأة ونفسها .
4- يقول الأصفهاني (وتنفس النهارعبارة عن توسعه ، قال تعالى (والصبح إذا تنفس) ( )، وهنا ترى اللفظ القرآني واضحا في التعبير عن معنى النفس ، هنا يقول والصبح إذا تنفس ، وكأنه إنسان يتنفس ، فيخرج الهواء ويدخله لتتضح العلاقة بين معنى النفس عند الإنسان ، وعند الصبح ، فالإنسان إذا تنفس مدت له الحياة ، وطالت ، وعاش ، والصبح إذا تنفس يكون ذلك بأن يطول ويتسع ، ويتبلج ، ويخرج منه النهار ، ويمتد ، وهذا ما يعنيه النص القرآني من معنى تنفس الصبح ، كما قال الأصفهاني ، وهنا ليس تعبيراً عن ذات ، ولكن عن حركة متصلة بذات موجودة مبقية لحياة صاحبها ، فحركة الصبح كحركة الإنسان ، وهي من الفعل ( تَنَفَّس ) أي أدخل الهواء وأخرجه ( بالنسبة للإنسان ) وطال واتسع وامتد ( بالنسبة للصبح ) فعبر الحق تبارك وتعالى بالفعل تنفس عن حياة الصبح ، وأخذها من فعل التنفس في الإنسان ، وهي علاقة تنافر بين التنفس في الإنسان ، والتنفس في الصبح ، فهما مختلفان ، ولكنهما مرتبطان بمعنى واحد في المستوى الأعلى ، وهو التعلق بالشيء الضروري لبقاء الإنسان والصبح ، وهو النفس ، كما قلنا من قبل في العلاقة بين خروف وفرس .
5- يقول الأصفهاني ( ونفستُ بكذا : ضنتْ نفسي به ، وشئ نفيس ، ومنفوس به ، ومنفس ، وهذا المعنى يدور حول الشيء الذي يُضن به ، وهو النفس أولا ، لأن الإنسان لا يملك أغلى من نفسه ، فلهذا يَضِنُّ بها ، والشيء الذي يُضَنُّ به يكون كالنفس التي يضن بها ، فأصبح هذا الشيء مرادفا للنفس ، فسمي بها والعلاقة بينهما علاقة ترادف ، وجاءتْ الأوزان الإشتقاقية لتوضح لنا المعاني الجديدة المتولدة عن طريق الاشتقاق نحو نفيس أي غالٍ ، ومنفوس به ، ومنفس ، كلها من هذا الوزن نفس ) .
هذه هي المعاني التي جاءت في كتاب المفردات في غريب القرآن للأصفهاني .
ثانيا : المعاجم المعاصرة :
كما فعل أ. محمد علي النجار عضو المجمع اللغوي المصري في كتابه ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ) يقول عن معنى كلمة نفس في القرآن : " تنفس : أدخل النفس إلى باطنه وأخرجه ، والنفس : الريح والهواء يدخل أو يخرج من الفم والأنف ... تنفس (والصبح إذا تنفس) 18 التكوير " ( )
1- هذا المعنى الذي بدأ به أ. النجار حديثه عن معنى النفس في القرآن ، وهو النفس الذي يدخل في صدر الإنسان ، وهو سبب في حياته وبقاء نفسه ، فالعلاقة بين النفس الذي نتنفسه ونفس الإنسان علاقة الكل بالجزء ، أما العلاقة بين نفس الإنسان والصبح الذي يطلع ويمتد هي علاقة تنافر كما ذكرتْ من قبل .
2- والمعنى الثاني الذي يذكره أ. النجار هو التنافس ، يقول ( تنافس في الأمر الرجلان من الخير : تغالبا في إحرازه وتسابقا إليه ، ( ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) ( )وهو من باب الضن ، حيث يضن الإنسان بما يحب ، ويتنافس عليه ، ولهذا كان التنافس بين الناس على الجنة ، ورحيقها ، كما يتنافسون على بقاء حياتهم وأنفسهم وما ينفعها ، وهو التسابق ، والتبارز ، والتباري ، وهو حقل دلالي واحد ، وهو الحرص على الذات وبقائها ، وهي علاقة الترادف .
ويذكر أ. النجار المعاني الأخرى للنفس ، يقول وتجيء النفس للمعاني الآتية : أ- النفس ذات الشيء وحقيقته ، ونفس الإنسان ، والجني من هذا : جملته من الجسم والروح ، وترادف في هذا المعنى ذاته .
ب- النفس : الروح التي بها الحياة ، وإذا أزيلت من الجسم نزل به الموت ، وهي باقية ما بقي في الحي نفس ، تقول : خرجت نفس المحتضر .
جـ- والنفس : تقع موقع القلب ، والضمير يكون فيه السر الخفي ، ويأتي بهذا المعنى في القرآن الكريم في مقام إضافتها إلى البشر مضافة إلى الله سبحانه وتعالى .
د- والنفس : معنى في الإنسان يوجهه إلى أفعاله من الخير والشر ... نحو سولت لي نفسي .

هـ- والنفس : معنى في الإنسان به التمييز والإدراك والإحساس ، وهو يفارقه عند النوم وغياب الوعي . ( )
وجملة هذه المعاني التي ذكرها عن النفس أنها تعني ذات الشيء ، وحقيقته ( الظاهرة والباطنة ) من جسد وروح وضمير وقلب وعقل وإدراك ، ثم ذكر أنها تأتي في القرآن _ كما ذكرتُ آنفا _ في موقع القلب والضمير من الإنسان والله تعالى ، فهي محدودة – غالبا – بهذا المعنى عندما تأتي بلفظها الأصلي ( )( نفس ) بدون اشتقاق كما في ( تنافس أو متنافس أو تنفس ) ، وكلها تنتمي إلى حقل دلالي واحد ، والعلاقة ترادفية بينهم . ثم يذكر مواضع هذه المعاني في القرآن مستشهداً على كل معنى بآية منه نحو : أ- نفس ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ) يقول : النفس هنا جملة الإنسان والجني من الروح والجسد ، واللفظ مكرر في القرآن 123 مرة .
ب- آدم ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) النساء الاية 1 والاية 198 في الانعام، والنفس هنا آدم
جـ- ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) 53 / يوسف ، ( ولا أقسم بالنفس اللوامة) 2 / القيامة ، ( يا أيتها النفس المطمئنه) الفجر والنفس هنا هي ما في الإنسان من إرادة تدعوه إلى الخير وإلى الشر .
د- ( إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) 68 / يوسف أي ضميره وقلبه .
هـ- ذات الإنسان ( وإذ قتلتم نفسا فادرأتم فيها)72 / البقرة ، ومثله قوله( قال : أقتلت نفسا زكية بغير نفس) 74 / الكهف ، المراد الغلام ، ( وقتلت نفسا) المراد القبطي الذي قتله موسى 40 / طه ، نفسك ( ما أصابك من سيئة فمن نفسك) 79 / النساء ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) 84 / النساء ، والمراد هنا النفس العين .

و- النفس بمعنى القلب وما فيه من السر ( تعلم ما في نفسي) 116/ المائدة .
ز- النفس الذات ( اقرأ كتابك كفى بنفسك)14/ الإسراء ( فلعلك باخع نفسك) 6 / الكهف ، النفس هنا الذات ومثلها ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) 130 / البقرة أي الذات .
ح- الأرواح ( الله يتوفى الأنفس) 42 / الزمر ، الأنفس هنا الأرواح ، ومثله قوله : ( وتزهق أنفسهم) 55/ التوبة أرواحهم .
ط- جنسكم : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم) 128 / التوبة ، أي من جنسكم ومثلها ( رسول منكم) 164 / آل عمران ( ) .
هذا الكلام كله للنجار عبارة عن آيات من القرآن الكريم توضح صحة المعاني التي أتى بها لكلمة النفس ، وهذه المعاني في جملتها لا تخرج عن كون المقصود بالنفس في الآيات ذات الإنسان الظاهرة أو الباطنة ، وهو حقل دلالي واحد ، ترتبط به باقي المعاني في داخل الحقل نفسه، ولكن عن طريق علاقات مختلفة قد أوضحتها في مواضع كثيرة من هذه الدراسة .
والملاحظة الأخيرة على كلام أ. النجار هي أنه بدأ كلامه بالفعل ، ثم الاسم ، أي صيغة الفعل من النفس ، وهي تنفس ، ولم ترد في القرآن الكريم إلا في موضعين ذكرهما النجار وبدأ بهما حديثه عن معنى النفس ، هي قوله تعالى ( والصبح إذا تنفس) 18 / التكوير وقوله ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) 83 المطففين.
ولكن لماذا هذا الكم الكبير من صيغة الاسم ( نفس) في القرآن الكريم مقابل موضعين فقط للفعل( تنفس)؟ بما يقابل 190 : 2 تقريبا .
إن هذا التركيز على الاسم ( نفس ) ، مقابل الفعلين ( تنفس ، وتنافس ) يرجع إلى الأصل في القرآن أنه خطاب موجه إلى الناس جميعا ، يصدر أحكاما ، ويخبر عن الإنسان في الدنيا والآخرة ، في الجنة والنار، ولهذا جاء على تلك الصورة ، وهي الصورة الاسمية لتحقيق الخطاب إلى كل البشر ، وتوجيه الأحكام إليهم .
الفصل الخامس:السمات المعجمية لكلمة نفس
كما ترى النظرية التحويلية التوليدية

يقول د . ميشال زكريا ( السمات المعجمية : نصنف الفعل فئات فعلية متفرعة , بواسطة السمات التي تلحق على العموم بالمفردات المعجمية , فى القواعد التوليدية و التحويلية , يتم عبر تتابع سمات , ويحتوى كل عنصر من عناصر المعجم على سمات تأخذ إما علامة السلب , وإما علامة الإيجاب , وترتبط بالتخالفات أو التضادات القائمة فى اللغة .
نميز بين ثلاثة أنواع من السمات المعجمية :
 السمات الفونولوجية أو الصوتية : التي تحدد كيفية النطق بالمفردة المعجمية , وتنص على خصائصها الصوتية و مخارج الأصوات اللغوية التي تؤلفها . وتعود دراسة هذه السمات إلى المكون الفونولوجي.
 السمات التركيبية : التي تحدد الفئات الكلامية الموافقة لتحليل التراكيب اللغوية , وتعود دراسة هذه السمات إلى المكون التركيبي .
 السمات الدلالية : والتي تحدد دلالة المفردات , وتعود دراسة هذه السمات إلى المكون الدلالي .

… وجدير بالذكر هنا أن تحديد الفعل في المعجم يتم عبر سلسلتين من السمات التركيبية فبعض هذه السمات سمات ذاتية يتضمنها الفعل , وبعضها الآخر سمات انتقائية مرتبطة بالسياق الكلامي الذي يرد الفعل فيه و سنتناول , تباعًا , سمات الفعل الذاتية و سماته الانتقائية التي لابد من ذكرها, لأن هذه السمات تدخل , - غالبًا - في صياغة القواعد و التحويلات التي تتناول الفعل.
أولا : سمات الفعل الذاتية :
تنص هذه السمات القائمة ضمن الفعل على فئات فعلية متفرعة و تؤثر , بالتالي في عملية التحليل النحوي , إذ تأخذها القواعد بعين الاعتبار :
1- سمة [± متعد ] تميز هذه السمة بين الأفعال اللازمة و بين الأفعال المتعدية , فسمة [ + متعد ] تشير إلى الأفعال المتعدية مثل أكل شرب … كما تشير سمة [ - متعد ] إلى أن الفعل الذي يحتوى عليها يأخذ اسمًا مفعولا به , فإن لم يرد هذا المفعول به في بنية الجملة السطحية , يُفترض وجوده في البنية العميقة للجملة ( ) .
2- سمة [ ± ناجم ] : إن سمة + ناجم حين تلحق بالفعل نميز بين الأفعال(نجح ) و ( علم ) التي تعبر عن حالة ناجمة عن حدث سابق , وبين الأفعال(مشى)و(درس ) التي تعبر عن حدث لم يكتمل بعد و التي تتضمن سمه [ - ناجم ] .
3- سمة [± عمل ] : إن سمة [ - عمل ] حين تلحق بالفعل تميز بين الأفعال ( - شعر ) و ( ظن ) و ( عاش ) وبين الأفعال ( درس ) و ( كتب ) التي تحتوى على سمة [ + عمل ] , وتتضمن سمة [ + عمل ] عامة سمة [ + متعد ] أي تدل على فعل متعد كما في [ درس الطالب الكتاب ] : [ + عمل ] في مقابل سمة [ - عمل ] كما في [ شعر الطالب بالامتحانات ] فهو فعل لازم.
4- سمة [ ± نشاط ] : تميز سمة [ + نشاط ] بين الأفعال : شغل و انتظر , وبين الأفعال مات و ظن التي تحتوى على سمة [ - نشاط ] .
5- سمة [± مستمر ] : تميز سمة [ + مستمر ] بين الأفعال أكل كتب في مقابل الأفعال أطفأ وصل انتحر التي تحتوى على سمة [ - مستمر ] التي تشير إلى حدث لا يحتمل في ذاته طابع الاستمرار .
6- سمة [± حركة ] : تميز سمة [ + حركة ] بين الأفعال سافر وعاد و ذهب , وبين الأفعال وظن نام والتي تحتوى على سمة [ - حركة ] .
7- سمة [± حالة ] : سمة [ + حالة ] تميز بين الأفعال حسن وبعد ووسع , وبين الأفعال درس و أكل , ولعب التي تحتوى على سمة [ - حالة ] , كما في هذه الجمل [ بدأ الرجل يحسن ] لا تصلح لوجود الفعل بدأ قبله , ولهذا يأخذ سمة [ + حالة ] أما الفعل الذي يأخذ سمة [ - حالة ] كما في هذه الجملة ( بدأ الرجل يأكل , أو يلعب أو يدرس ).
8- سمة [± شخصي ] : تميز سمة [ - شخصي ] بين الأفعال ( وجب ) وجدر و ( أنبغى ) , وبين الأفعال أكل و سافر التي تحتوى على سمة [ + شخصي ].

ثانيا : سمات الفعل الانتقائية :

يرتبط وجود هذه السمات بالسياق الذى يرد فيه الفعل , فتنص على فئات فعلية متفرعة و تؤثر بالتالى فى التحليل النحوى . وهذه بعض سمات الفعل الانتقائية الأساسية :
1- سمة [± فاعل إنسان ] :
تميز سمة [ + فاعل إنسان ] بين الفعل الذى يأخذ اسما فاعلا يحتوى فى سماته على سمة [ + إنسان ] مثل زعم وجد وظن وبين الفعل الذى يأخذ اسما فاعلا يحتوى فى سماته على سمة [ - إنسان ] مثل أثمر و نبت و اجتر.
2- سمة [± مفعول به متحرك ] :
تميز سمة [ + مفعول به متحرك ] بين الفعل الذى يأخذ مفعولا به الاسم الذى يحتوى فى سماته , على سمة [ + متحرك ] مثل أطعم , ورغب , ودرس , وبين الفعل الذى يأخذ مفعولا به الاسم الذى يحتوى فى سماته على سمة [ - متحرك ] كمثل أطفأ و سكب تأخذ بعض الأفعال مفعولا به يحتوى على سمة [± متحرك ] مثل رأى و سمع( ) .
3- سمة [± فاعل جمع ] :
تشير سمة [ + فاعل جمع ] إلى الأفعال التى تأخذ فاعلا الاسم فى حالة الجمع , والأسماء الجمع هى فئتان : أسماء ترد فى صيغة الجمع , كمثل ( الرجال ) و الأسود , وأسماء تحتوى فى ذاتها سمة الجمع , وإن تكن ترد بصيغة المفرد , كمثل شعب قوم قبيلة , فيكون الجمع النحوى مُشارًا إليه [- مفرد] و إلى الجمع المعنوى القائم ضمن بعض الأسماء المفردة بسمة [ - مفرد ذاتى ] , وسمة [ + فاعل جمع ] تلحق الفعل الذى يأخذ فاعلا للاسم فى حالة الجمع , كما فى الفعل ( تجمهر الرجال , تجمع الشعب , تفرق القوم ) ولا تصلح هذه الأفعال مع فاعل اسم مفرد كما فى ( تجمهر الرجل و تجمع الموظف تفرق الطالب ) فلا تصلح هذه الجمل لأن الفاعل فيها مفرد .


4- سمة [ + مفعول به جمع ] :
وتشير هذه السمة إلى الأفعال التى يأخذ مفعولا به الاسم فى حالة الجمع , أى الاسم الذى يحتوى إما على سمة [ - مفرد ] , وإما سمة [ - مفرد ذاتى ] , كما فى الأفعال ( فرق ) و ( أحصى ) كما فى هذه الجمل غير الأصولية التالية : ( أحصت الدولة الرجل - فرق رجال الأمن الطالب - جمع يوسف ابنه ).
5- [± مفعول به جملة ] :
تُميز سمة [± مفعول به جملة ] بين الفعل الذى ياخذ جملة فى موقع المفعول به كمثل : أراد - وجد - ظن , وبين الفعل الذى لا يُمكنه أن يأخذ جملة فى موقع المفعول به كمثل باع و انتخب و شرب كما فى : أراد الرجل أن يذهب - وجد الرجل أن الحياة جميلة عكس الأفعال : ( شرب الرجل أن يذهب - باع الرجل أن الحياة جميلة ) فهذه جملة غير أصولية.
مثال :
كما فى هذه الأفعال : تجمهر [ + فعل - متعد - ناجم - عمل + نشاط + مستمر + حركة - حالة + شخصى + فاعل إنسان + فاعل جمع ] وكذلك الفعل أراد [ + فعل + متعد - ناجم - عمل - نشاط - مستمر - حركة - حالة + فاعل انسان + فاعل جمع ] كذلك الفعل درس : [ + فعل + متعد - ناجم + عمل - نشاط + مستمر - حركة - حالة + شخصى + فاعل إنسان - مفعول به متحرك + فاعل جمع + مفعول به جمع - مفعول به جملة ]( ) .
لقد ورد الفعل تنفس فى القرآن الكريم مرتين هما فى قوله تعالى :
1- والصبح إذا تنفس انه لقول رسول كريم [ التكوير : 18 ] ( تنفس )
2- وختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون [ 26 / المطففين / 82 ] (تنافس) نجد أن الفعلين مختلفان دلاليا , فالأول يعنى ( تنفس أى تبلَّج و امتد حتى يصير نهارًا بيِّنًا و وقال الفرّاء فى قوله والصبح إذا تنفس: إذا ارتفع النهار حتى يصير نهارًا , وقال مجاهد : إذا تنفس إذا طلع , وقال الأخفش : إذا أضاء )( ) , أما الفعل الثانى فيعنى ( نافس فيه منافسة و نِفاسًا , إذا رغب فيه ( على وجه المباراة فى الكرم , كتنافس , والمنافسة و التنافس : الرغبة فى الشيء و الانفراد به , وقوله عز وجل ( وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ) أى فليتراغب المتراغبون)( ) , إذن لكل فعل من الفعلين معنى مستقل عن الآخر , رغم أنهما من مادة لغوية واحدة ( نفس ) فالمعنى الأصلى لهذا الفعل ( تنفس ) من ( نفسَ ) , يقصد به . الهواء الداخل فى الصدر , وهو أتٍ من كلمة ( نَفْس ) بمعنى ذات الشيء - كما ذكرنا سابقا - وهو المعنى الأصلى لهذه الصيغ التى سنراها هنا ,
و لكن كيف تم هذا التحول الدلالى حيث تحولت من الإشارة إلى نفس الشيء وذاته إلى الهواء ثم إلى الفعل تنفس بمعنى طلع النهار ؟ و نحاول أن نعرف ذلك فيما يأتى:
1- النَفْسُ : ذات الشيء الظاهرة و الباطنة هو المعنى الأصلى .
2- النفس الهواء , ثم التحول من المعنى (1) إلى (2) لأن الهواء يعادل و يساوى وجود الإنسان و حياته , ولهذا تم هذا التحول , لأنه أصبح مرادفا للنفس الإنسانية .
3- تنفس الصبح بمعنى طلع : لأن النفس أصبحت تدل على كل اتساع , ومنها اتساع الصبح و إشراق النهار , فهو يَمُدُّ فى حياة النهار بالنفس كما يمد فى حياة الإنسان بالهواء .
4- المعنى الثانى بمعنى التنافس أى المباراة , تم عن طريق المشابهة بين حرص الإنسان على الحياة بحرصه على النفس و حرصه على كل شيء , أصبح يُشار إليه بأنه منافسة . أى سعيًا إلى النفس وهو الشيء الذى يبقى حياته , سواء كان هواءًا أو ماءًا أو دمًا أو غيرهم .

إذن ما قيمة النظرية التحويلية التوليدية فى هذا المقام ؟
إن دور النظرية هنا هو التمييز بين معنى الفعلين ( تنفس - و تنافس ) و ذلك بعرض الفعلين على السمات المعجمية لمعرفة السمات الذاتية و الانتقائية للفعلين , ليظهر لنا الفرق بينهما وما يتميز به كل فعل منهما .
أولا : الفعل ( تنفس ) :
( أ ) سمات الفعل الذاتية :
1- + متعد : الفعل تنفس متعد نحو ( تنفس الرجل الهواء ).
2- - ناجم : الفعل تنفس يعبر عن حدث لم يكتمل ولم ينته .
3- + عمل : الفعل تنفس يعبر عن حدث به حركة .
4- + نشاط : الفعل تنفس يعبر عن حدث به حركة .
5- + مستمر : الفعل تنفس يعبر عن حدث مستمر .
6- + حركة : الفعل تنفس يعبر عن حدث حركة.
7- - حالة : الفعل تنفس يعبر عن حدث مستمر غير ثابت .
8- + شخصى : الفعل تنفس يعبر عن شيء شخصى .
( ب ) سمات الفعل الانتقائية :
1- + فاعل إنسان : و يمكن أن تأخذ سمة - فاعل إنسان لأنه من الممكن أن يتنفس الإنسان غيره .
2- + مفعول به متحرك : حيث المفعول به هو الهواء المتحرك .
3- - فاعل جمع : فلا يشترط أن يكون الفاعل جمعًا , بل كل مخلوق يتنفس , بنفسه و لنفسه .
4- - مفعول به جمع : فلا يشترط أن يكون المفعول جمعا بل هو شيء واحد هو الهواء .
5- - فلا يشترط أن يكون المفعول به جملة .

ثانيا : الفعل ( تنافس ) :

( أ ) السمات الذاتية :
1- (- متعدٍ ) : الفعل تنافس لازم نحو ( تنافس زيد على الجائزة).
2- ( - ناجم ) : الفعل تنافس لم يكتمل بعد .
3- ( + عمل ) : الفعل تنافس يدل على حركة .
4- ( + نشاط ) : الفعل تنافس يدل على حركة .
5- ( + مستمر ): الفعل تنافس يدل على استمرار .
6- ( + حركة ) : الفعل تنافس يدل على حركة.
7- ( - حالة ) : الفعل تنافس يدل على حالة مستمرة غير ثابتة .
8- ( + شخصى ) : الفعل تنافس يدل على شيء شخصى .
( ب ) السمات الانتقائية:
1- - فاعل + إنسان: لأن فاعله لا يكون إلا إنسانا عكس تنفس الذى يشمل الإنسان و الحيوان و النبات .
2- - مفعول به متحرك : قد يكون المتنافس عليه متحركا أو ثابتًا , والأكثر الأعم أنه ثابت .
3- + فاعل جمع : لابد أن يكون هناك أشخاص يتنافسون على شيء غالبا . .
4- - مفعول به جمع : ( وغالبا ) يكون المتنافس عليه شيئًا واحدًا.
5- - مفعول به جملة : لا يكون المفعول به جملة .

هذه الأفعال هى التى وردت فى القرآن الكريم من الفعل نَفَسَ هى تَنَفَّس , و تَنَافس وبتحليل الصفات الذاتية و الانتقائية للفعلين تبين الفرق بينهما , فأحدهما متعد و الآخر لازم , وكلاهما يدل على حركة ( حركة الهواء و حركة التنافس ) وكلاهما شخصى و كلاهما يأخذ فاعل إنسان مع زيادة فى الأول فى الإنسان و غيره من المخلوقات كلها تتنفس و هما يختلفان فى الفاعل فى الأول ( التنفس ) فاعل مفرد , والثانى ( التنافس ) فاعل جمع , و المفعول به فيهما لا يكون جملة.
ويلاحظ أن الفعل الأول ( تنفس ) استخدم بصورة مجازية فالفاعل فيه ليس إنسانا , ولهذا أخذ علامة ( - ) بل أشار إلى تنفس الصبح هو طلوع الصبح . و الفعل الثانى فاعله لا يكون إلا إنسانا, ولهذا أخذ علامة ( + إنسان ) .
سمات الاسم
يحدد الاسم بواسطة مجموعة سمات ذاتية , تؤدى هذه السمات عمل قواعد تفريغ الفئات, فعلى سبيل المثال , تترجم سمة [ + عام ] التى يحتوى عليها الاسم , قاعدة تفريغ الاسم التالية :
اسم اسم جنس
اسم علم
فسمة [ + عام ] تحدد اسم الجنس , وسمة [ - عام ] تحدد اسم العلم , فتحديد الاسم يتم إذاً بواسطة السمات التى تسبقها إما علامة السلب ( - ) و إما علامة الايجاب (+ ) وتتلاءم هذه السمات مع التخالفات القائمة ضمن فئة الاسم
هذه بعض سمات الاسم الأساسية و المناسبة للتحليل التركيبى :
1- سمة [± عام ] :
تميز سمة [ + عام ] بين الأسماء ( كتاب ) و ( غلام ) و ( طاولة )…وبين الأسماء ( زيد ) و ( بيروت ) و ( لبنان )…التى تحتوى على سمة [ - عام ]…إن سمة [ - عام ] تتضمن سمة [ + معرَّف ] و ذلك لأن أسماء العلم هى معرفه بصورة ذاتية و ضمنية .
2- سمة [ ± متحرك ] :
سمة [ + محرك ] تميز بين الأسماء ( زيد ) و ( رجل ) و ( غلام ) وبين الأسماء : ( طاولة ) و ( شوق ) و ( قمح ) التى تحتوى على سمة ( - متحرك ).
3- سمة [± إنسان ] :
سمة [ + إنسان ] تميز بين الأسماء زيد و تلميذ وولد و بين الأسماء عصفور و كلب و جمل التى تحتوى على سمة [ - إنسان ].
4- سمة [± محسوس ] :
تميز سمة [ + محسوس ] بين الأسماء ( غاية ) و ( رجل ) و ( الكتاب ) وبين الأسماء : ( عدالة ) و ( جمال ) و ( خوف ) التى تحتوى على سمة [ - محسوس ] .
5- سمة [± معدود ] :
إن وجود سمة [ + معدود ] يميز بين الأسماء ( رجل ) و ( كتاب ) و ( طاولة ) و بين الأسماء ( خوف ) و ( ماء ) و ( قمح ) التى تحتوى على سمة ( - معدود ).
6- سمة [± معرَّف ] :
سمة [ + معرَّف ] تميز بين الأسماء المعرفة بصورة ذاتية مثل الاسم الذى يحتوى على سمة [ - عام ] و بين بقية الأسماء , تدخل ضمن سمة [ + معرَّف ] كل الأسماء المعرفة بأل التعريف .
7- سمة [± مذكر ] :
إن سمة [ + مذكر ] يميز بين الأسماء ( كتاب ) و ( زيد ) و ( رجل ) بين الأسماء ليلى و طاولة وامرأة التى تحتوى على سمة [ - مذكر ] .
8- سمة [± ذكر ] :
سمة [ + مذكر ] تشير إلى المذكر بصورة ذاتية , وتميز بين الاسم ( خال ) وبين الاسم ( أم) الذى يحتوى على سمة [ - ذكر ] فلا يصح القول :خال زيد حامل .
9- سمة [± مفرد ] :
سمة ( + مفرد ) تميز بين الأسماء رجل ولد التى تحتوى على سمة [ + مفرد ] و بين الأسماء ( رجلان ) و ( رجال ) التى تحتوى على سمة [ - مفرد ] .
10- سمة [± مفرد ذاتى ] :
تختلف سمة [ + مفرد ذاتى ] عن سمة [ + مفرد ] العائد إلى مفهوم العدد , فهى تلحق الأسماء التى تتضمن فى ذاتها معنى الجمع كما فى كلمة قوم – وشعب "( ).

هذه السمات الذاتية للاسم , وهى تمكننا من توضيح الملامح الذاتية للأسماء المتشابهة , و بذلك يمكننا التمييز بين اسم و اسم آخر قد تشابها فى المعنى , ولكن إذا كان هذا الاسم يحمل أكثر من معنى , أى تعدد دلالى , فإن هذه النظرية ( التوليدية التحويلية ) بتحديدها سمات مميزة يمكنها تتبع التفريعات المختلفة للمعنى الواحد , وما يستتبعه من التحول فى دلالة الكلمة…بإعطاء سمات مميزة جديدة للكلمة , فيتضح مدى هذا التحول فى المعنى , وكيف تعددت الدلالة باتساع المحدد الدلالى ؟ كما فى كلمة ( نفس ).
لو نظرنا إلى كلمة نفس كاسم ورد فى المعجم , وله مدخل معجمى واحد وهو مادة ( نَفَس ) . نجد أول تعريف لمعنى كلمة نفس فى المعجم هى ( الروح ) و نحاول فى إطار هذه السمات الذاتية للاسم أن نحدد معالم كل من النفس و الروح :
1- سمة عام : فنجد أن كلمة نفس مقصود بها أىَّ نفسٍ فهى معنى عام , وتأخذ علامة [ + عام ] وكذلك كلمة روح , أما إذا أُريد بها شخص بعينه فتأخذ سمة [ - عام ] أما هى كلفظة فهى تطلق على كل نفس و كل روح , ولهذا فالشائع عنها هو سمة [ + عام ] .
2- سمة متحرك : وكلمة نفس و كلمة روح كلاهما يأخذ سمة [ - متحرك ] لأنهما لا يتحركان بل المتحرك هو الجسد الذى يُحركانه ماداما فيه , وهو حى.
3- سمة إنسان : و تأخذ الكلمتان علامة [± إنسان ] لأنهما يوجدان فى الإنسان و غير الإنسان من حيوان و نبات .
4- سمة محسوس : تأخذ الكلمتان علامة [ - محسوس ] لأنهما غير محسوستين.
5- سمة معدود : " " " [ + معدود ] لأنه يمكن عدهما من خلال أصحابها .
6- سمة معرَّف : " " " [ + معرف ] لأنه يمكن تعريفهما .
7- سمة مذكر : تأخذ كلمة نفس علامة [ - مذكر ] و كلمة روح [ + مذكر ] على بعض( ) الآراء التى سَوَّتْ بينهما إلا فى قضية المذكر و المؤنث .
8- سمة ذكر : تأخذ كلمة نفس و كلمة الروح علامة [ - ذكر ] لأنهما ليسا مما يلد أو يولد.
9- سمة مفرد : " " " " " " " [ + مفرد ] لأنهما مفردان .
10- " " ذاتى :" " " " " " " [ - مفرد ذاتى ] لأنهما لا يدلان على الجمع مثل قوم .

ويمكننا أن نضعَ تعريفا لكلمة نفس و روح , فهما كلمتان تدلان على شيء غير محسوس عام يشمل كل ما فى الكون من مخلوقات من إنسان و غيره , غير أن النفس مؤنثة و الروح مذكرة .
نفس بمعنى الدم :
نجد أن كلمة دم تشمل مجموعات سمات ذاتية هى : [ + عام ] [ + متحرك ] [± إنسان ] [ + محسوس ] [ - معدود ] [ + معرف ] [- مذكر ] [ - مفرد ذاتى ] [ + مفرد ] .
فهي كلمة تشير إلى شيء محسوس يرتبط بالنفس وهو نكره غير معدود .
نفس بمعنى جسد :
تشمل مجموعة سمات هى [ + عام / + متحرك / ± إنسان / + محسوس / + معدود / + معرف / + مذكر / ± ذكر / + مفرد / - مفرد ذاتى ] .

نفس بمعنى قدردبغة :
تشمل مجموعة سمات هى [ + عام / - متحرك / - إنسان / + محسوس / + معدود / + معرف / + مذكر / - ذكر / + مفرد / - مفرد ذاتى ] .

نفس بمعنى عائن حاسد :
تشمل مجموعة سمات هى [ + عام / + متحرك /+ إنسان / + محسوس / + معدود / + معرف / + مذكر / + ذكر / + مفرد / - مفرد ذاتى ] .

نفس بمعنى غيب :
تشتمل مجموعة سمات [ + عام / - متحرك / - إنسان / - محسوس / - معدود / + معرف / + مذكر / - ذكر / + مفرد / - مفرد ذاتى ] .

نفس بمعنى الريح :
تشمل مجموعة سمات [ + عام / + متحرك / - إنسان / + محسوس / - معدود / + معرف / + مذكر / - ذكر / + مفرد / - مفرد ذاتى ] .
ويمكن من خلال هذه السمات المرور على كل المعانى الخاصة بكلمة نفس ومن خلالها يمكن ملاحظة الشبه بين كثير من معانى كلمة نفس و التحديد الدقيق لمعالم و حدود كل معنى منها .

الخـاتمة

والآن وبعد أن أفضتُ الحديث حول كلمة نفس فى معاجمنا اللغوية , و كتب المشترك اللفظى الخاصة بالقرآن الكريم و كتب المعاجم الخاصة بالقرآن , وفى إطار النظريات الدلالية المختلفة يمكننا أن نشير إلى نتائج هذا البحث , التى تبدو من خلال عدة نقاط هى :
1- كلمة ( نفس ) كلمة قديمة فى اللغة العربية , بل فى اللغات السامية أيضا , مما أدى إلى تطور هذه الكلمة عبر الأجيال و كثرة استخدامها , وتولد عن معناها الأصلى أكثر من ثلاثين معنى .
2- كلمة نفس تعنى فى المعاجم المختلفة ( ذات الشيء الظاهرة و الباطنة ) , ومن هذا المعنى تولدت باقى المعانى نتيجة لعلاقة ما بينهما .
3- لعلماء المعاجم العرب ملاحظات لغوية قوية تناظر النظريات الدلالية الحديثة , إلا أن هذه الملاحظات لم تدرس , بل يجب أن تدرس , فتفسيرهم العلاقة بين المعانى المختلفة للكلمة , تنم عن فهم جيد واع بالعلاقات الدلالية بين الكلمات , وتوليد هذه الدلالات من بعض.
4- يمكن تطبيق النظريات الدلالية الحديثة على المفردات اللغوية الموجودة فى معاجمنا , مما يؤدى إلى الفهم الجيد لمعانى الكلمات , والاستفادة من تلك النظريات فى مجال التطبيق يكشف عن مدى صحة هذه النظريات , والثمار التى يمكن أن تُجنى منها , ومعرفة كلمة نفس فى القرآن الكريم تُعد إحدى ثمار هذا البحث , لأنها أجابتْ عن سؤال مهم , هل للنفس هذا الكم الكبير من المعانى فى القرآن كما فى المعاجم ؟ و أى هذه المعانى أهم ؟ وكيف يخاطبنا الحق تبارك و تعالى , فى وسط هذا الكم الكبير من المعانى؟
وكانت الإجابة فى كلمة واحدة , وهى أن كلمة نفس تعنى ( ذات الإنسان الظاهرة و الباطنة ) فقط لماذا ؟ لأن النص القرآنى يخاطب الإنسان , ولأجله نزل القرآن ليعلمه أمور دنياه , وآخرته , ومعرفة دينه ؛ من أحكام و عبادات و معاملات , فلابد أن يكون النص واضحا فى مقصده و مبتغاه .
وكتب المشترك اللفظى لم تعطنا جديدًا يخرج عن هذا الإطار , فالكلام واحد , هو أن المقصود بكلمة نفس الإنسان ظاهرة و باطنة , مما يوضح أن اجتهاد العلماء كان فى إطار البحث فى المعانى الثانوية المتصلة بالمعنى الأصل.
وفي نهاية البحث أسأل الله أن أكون قد حققت الهدف منه, وأن يقبله الله ضمن صالح الأعمال. آمين .
المصادر و المراجع

1- الأشباه و النظائر فى القرآن الكريم , لمقانل بن سليمان البلخى , الهيئة المصرية للكتاب 1994م .
2- الأصول , د. تمام حسان , المغرب 1981م .
3- الألسنية التوليد و التحويلية و قواعد اللغة العربية ( الجملة البسيطة ) , د/ ميشال زكريا , المؤسسة الجامعية للدراسات النشر و التوزيع - بيروت , ط الأولى , 1983م.
4- تاج العروس من جواهر القاموس , للزَّبيدى , تحقيق محمد الطناحى , طبعة الكويت .
5- تصحيح الفصيح , لابن درستويه , تحقيق عبد الله الجبورى , بغداد , 1975م.
6- التوليد الدلالى , د. حسام البهنساوى , زهراء الشرق , القاهرة , 2000م .
7- دراسة فى مصادر الأدب د: الطاهر مكى , دار الفكر العربى , القاهرة , 1999م .
8- دور الكلمة فى اللغة , استيفن أولمان , ترجمة د. كمال بشر , القاهرة , 1962م .
9- شرح التصريف الملوكى , لابن يعيش , تحقيق د. فخر الدين قباوة , حلب , 1973م.
10-علم الدلالة , د. أحمد مختار عمر , عالم الكتب , القاهرة , 1992م.
11- لسان العرب , ابن منظور , طبعة دار المعارف , القاهرة , 1982م.
12- اللغة , فندريس , ترجمة /عبد الحميد الدواخلى و محمد القصاص , القاهرة , 1950م.
13- المزهر فى علوم اللغة و أنواعها , السيوطى , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , القاهرة 1958م.
14- المخصص فى اللغة , لابن سيدة الأندلسى , طبعة بولاق , 1321 هـ .
15- المعتمد فى أصول الفقه , لأبى الحسن البصرى , تحقيق / محمد حميد الله و آخرين , دمشق 1964 م.
16 – معجم ألفاظ القرآن الكريم , محمد على النجار , مجمع اللغة العربية , القاهرة .
17- معجم مفردات المشترك اللفظي السامي في اللغه العربية د: حازم كمال الدين , مكتبة الآداب القاهره 1994 م .
18 – مفتاح العلوم , السكاكى , القاهرة , 1323 هـ .
19 – المفردات فى غريب القرآن , الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى , الأنجلو المصرية ب ت .
20 – الوجوه و النظائر لألفاظ كتاب الله العزيز , للدامغانى , المجلس الأعلى للشئون الإسلامية , القاهرة , 1995 م.
المشرف العام
المشرف العام
Admin

عدد المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 13/06/2010

http://almadawe.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى